مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ١٢٨
فإنه لو لم نقل بانصرافه في حد ذاته إلى إرادة التعميم بالنسبة إلى وجوه التكسب يتعين صرفه إلى ذلك بواسطة جملة من القرائن الداخلية والخارجية التي تقدمت الإشارة إلى بعضها والغرض من إطالة الكلام نفى احتمال اشتهار القول بوجوب الخمس في كل ما يحصل للانسان من أي سبب يكون ولو بالإرث كي يجعل الشهرة جابرة لضعف بعض الأخبار الآتية الدالة بظاهره على ذلك واما الاخبار فربما يظهر من جملة منها تعلقه بكل ما يملكه الانسان ويستفيده من أي سبب يكون منها ما روى عن الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول عن الرضا عليه السلام في كتابه للمأمون قال والخمس من جميع المال مرة واحدة وما روى عن بصائر الدرجات عن عمران بن موسى عن موسى بن جعفر عليه السلام قال قرأت عليه اية الخمس فقال ما كان لله فهو لرسوله وما كان لرسوله فهو لنا ثم قال والله لقد يسر الله على المؤمنين ارزاقهم بخمسة دراهم جعلوا لربهم واحدا واكلوا أربعة ثم قال هذا من حديثنا صعب مستصعب لا يعمل به ولا يصبر عليه الا مؤمن ممتحن وما حكى عن ابن طاوس قدس الله روحه بسنده عن أبي الحسن موسى بن جعفر عن أبيه عليهما السلام ان رسول الله قال لأبي ذر وسلمان والمقداد اشهدوني على أنفسكم بشهادة ان لا إله إلا الله إلى أن قال وان علي بن أبي طالب وصى محمد وأمير المؤمنين وان طاعته طاعة الله و رسوله والأئمة من ولده وان مودة أهل بيته مفروضة واجبة على كل مؤمن و مؤمنة مع أقام الصلاة لوقتها واخراج الزكاة من حلها ووضعها في أهلها واخراج الخمس من كل ما يملكه أحد من الناس حتى يرفعه إلى ولى المؤمنين وأميرهم ومن بعده من الأئمة من ولده فمن عجز ولم يقدر الا على اليسير من المال فليدفع ذلك إلى الضعفاء من أهل بيتي من ولد الأئمة فمن لم يقدر على ذلك فلشيعتهم ممن لا يكل بهم الناس ولا يريد بهم الا الله فهذه شروط الاسلام وما بقي الكثر رواية محمد بن الحسن الأشعري قال كتب بعض أصحابنا إلى أبى جعفر الثاني عليه السلام أخبرني عن الخمس أعلى جميع ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب وعلى الضياع وكيف ذلك فكتب عليه السلام بخطه الخمس بعد المؤنة وظاهره تقرير السائل من حيث عموم المتعلق وخبر سماعة المروى عن الكافي قال سئلت أبا الحسن عليه السلام عن الخمس فقال في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير وربما يستدل له أيضا بعموم الآية الشريفة بناء على تفسير الغنيمة بمطلق الفائدة كما يؤيد ذلك استدلال المشهور على ما نسب إليهم بعمومها لا ثبات الخمس في سائر الموارد وقوله عليه السلام في خبر حكيم الوارد في تفسيرها هي والله الإفادة يوما بيوم الا ان أبى جعل شيعتنا في حل من ذلك بل هذه الرواية بنفسها شاهدة للعموم وما في ذيلها من التصريح بتحليله للشيعة غير ضائر لما عرفت فيما سبق من لزوم حمله كسائر اخبار التحليل على بعض المحامل التي لا ينافيها وجوبه في هذه الأزمنة ولكن قد ينافيه ما عن العلامة في المنتهى والفاضل المقداد كما في مجمع البحرين من تفسير الغنيمة بالفائدة المكتسبة فلا تشمل حينئذ مثل الإرث بل الصدقة والهبة أيضا بل لعل هذا هو أيضا منصرف خبر حكيم فان الإفادة والاستفادة بمعنى والمنساق منها إرادة التكسب كما يومى إلى ذلك سوق الخبر وتمثيله بمسألة الخياط فالانصاف انه لا يظهر من هذه الرواية إرادة الأعم من أرباح المكاسب من الإفادة يوما بيوم بل لا يبعد دعوى انصراف لفظ الإفادة والاستفادة الواردتين في مكاتبة الأشعري وخبر سماعة أيضا إلى الأرباح فاستظهار العموم من مثل هذه الروايات لا يخلو عن نظر بل وكذا غيرها من الاخبار المزبورة عدى الخبر المحكى عن ابن طاوس قدس سره مع ما في جميع تلك الأخبار من ضعف السند ونحوها في قصور الدلالة خبر علي بن راشد الذي رواه عنه علي بن مهزيار وهو أوضح ما في هذا الباب من حيث كونه مسوقا لبيان ما يتعلق به الخمس من هذا القسم قال علي بن مهزيار قال لي أبو علي بن راشد قلت له امرتني بالقيام بأمرك واخذ حقك فأعلمت مواليك بذلك فقال لي بعضهم واي شئ حقه فلم ادر ما أجيبه فقال يجب عليهم الخمس فقلت ففي أي شئ فقال في أمتعتهم وصنايعهم وفي بعض النسخ وضياعهم قلت فالتاجر عليه والصانع بيده فقال ذلك إذا أمكنهم بعد مؤنتهم بل ظاهر هذه الرواية عدم تعلقه بمطلق ما يملكه الانسان فان المتاع كما في القاموس المنفعة والسلعة والأداة وكل ما تمتعت به من الحوائج جمعه أمتعة وفي المجمع المتاع المنفعة وكل ما ينتفع به كالطعام والبر وأثاث البيت إلى أن قال والجمع أمتعة والأنسب بالمقام اما إرادة المعنى الأول أي المنفعة أو السلعة وعلى الثاني أيضا لا يبعد انصرافها إلى اراده الخمس فيما يستفيد بها لا في زوالها ولعل السائل أيضا لم يفهم من كلامه عليه السلام الا ذلك فأراد بقوله فالتاجر عليه والصانع بيده التفريع على ما فهمه من كلامه عليه السلام من اقتضائه انحصار الخمس في التاجر ومن يكتسب شيئا بكد يمينه لاكل من ملك شيئا ولو بإرث ونحوه فنبهه الإمام عليه السلام على أن ذلك أيضا ليس على اطلاقه بل انما ذلك إذا أمكنهم بعد مؤنتهم وعلى تقدير صحة نسخة وضياعهم يكون التفريع بملاحظة الأغلب من عدم كونهم صاحب الضيعة فليتأمل ولكن في بعض النسخ والتاجر بالواو ولعله من سهو القلم وعلى تقدير صحته فهو لا يخلو عن اجمال وكيف كان فالرواية وان لا تخلو عن تشابه الا ان ظاهرها لأجل كونها مسوقة لبيان ما يتعلق به الخمس عدم تعلقه بأموالهم التي لا تعد عرفا من الأمتعة والضياع كالنقد المنتقل إليه بإرث ونحوه أو غير ذلك مما لا يطلق عليه في العرف اسم المتاع سواء فسر بالمنفعة أو السلعة أو غير ذلك من معانيه المذكورة في اللغة الا على نحو من التوسع ولكن مر بما يظهر من بعض الأخبار تعلقه بمطلق الفائدة وانها هي المرادة بالغنيمة مع وقوع التمثيل فيها بالإرث والجائزة كقوله عليه السلام في صحيحة علي بن مهزيار فاما الغنائم والفوائد فهي واجبة عليهم في كل عام قال الله تعالى واعلموا انما غنمتم من شئ إلى اخرها إلى أن قال والغنائم والفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء والفائدة يفيدها والجائزة من الانسان للانسان التي لها خطر والميراث الذي لا يحتسب من غير أب ولا ابن ومثل عدو يصطلم فيؤخذ ماله ومثل مال يوجد ولا يعرف له صاحب ومن ضرب ما صار إلى موالى من أموال الخرمية الفسقة الحديث وعن الفقه الرضوي بعد ذكر الآية قال وكل ما أفاد الناس غنيمة ولا فرق بين الكنوز والمعادن والغوص إلى أن قال وربح التجارة وغلة الضيعة وسائر الفوائد و المكاسب والصناعات والمواريث وغيرها لان الجميع غنيمة وفائدة وخبر يزيد قال كتبت جعلت لك الفداء تعلمني ما الفائدة وما حدها رأيك أبقاك الله ان تمن على ببيان ذلك لكي لا كون مقيما على حرام لا صلاة لي ولا صوم فكتب الفائدة مما يفيد إليك في تجارة من ربحها وحرث بعد الغرام أو جائزة ويدل على ثبوته في خصوص الهبة مضافا إلى ما ذكر خبر أبي بصير المروى عن مستطر فات السرائر نقلا من كتاب محمد بن علي بن
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»