مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ١٣٣
مما ارسله المفيد (ره) هو نفس ما اشتراه الذمي اعني رقبة الأرض لا حاصلها أو قيمتها على ذمته وأما مصرفه فالمعروف بين من أثبته هو مصرف خمس الغنيمة بل لم ينقل الخلاف فيه عن أحد بل صرح بعض باجماعهم عليه لانصراف اطلاق الخمس إلى إرادة الخمس المعهود اما بدعوى صيرورته حقيقة فيه في عصر الصادقين عليهما السلام كالزكاة وغيرها من أسامي العبادات أو المعهودية الموجبة لصرف الاطلاق إليه حيث إنه لو كان غيره مرادا لوجب بيانه فعدم البيان في مثل المقام كاشف عن إرادة المعهود وما تجده في النفس من الوسوسة فيه فليس ذلك الا لتطرق الاحتمال المزبور من تشريع هذا الحكم لاستيفاء الحق المتعلق بالأراضي العشرية من الزكاة أو الخراج والا فلو علم بإرادته من نفس الأرض التي يشتريها الذمي أو قيمتها ولو لم تكن من أرض الخراج بل ولان المزارع كما يقتضيه اطلاق النص فلا يكاد يتوهم منه الا إرادة خمسها لأصحاب الخمس المعروفين في الشريعة زاد الله شرفهم كما يؤيد ذلك فهم الأصحاب وعدم نقل خلاف فيه من أحد والله العالم ثم إن مقتضى الجمود على ظاهر النص والفتوى قصر الحكم المزبور على خصوص ما لو اشتريها الذمي من مسلم ولكن صرح كاشف الغطاء بعمومه لما تملكها منه بعقد معاوضة كائنة ما كانت دون الانتقال المجاني وعن ظاهر الشهيدين عمومه حتى في الانتقال المجاني قال شيخنا المرتضى (ره) وهل الحكم المذكور يختص بالشراء كما هو ظاهر المشهور أو يعم مطلق المعاوضة كما اختاره كاشف الغطاء أو مطلق الانتقال ولو مجانا كما هو ظاهر الشهيدين فيه اشكال من اختصاص النص والفتوى بالشراء ومن عمومه عرفا لسائر المعاوضات ومن أن المناط هو الانتقال كما يستفاد من نقل أقوال العامة والخاصة في المعتبر والمنتهى والتذكرة حيث إن ظاهر الأقوال المذكورة عن العامة في مقابل الامامية هو مطلق الانتقال مضافا إلى الاستدلال على مذهب الإمامية في المنتهى بقوله لنا ان في اسقاط العشر اضرارا بالفقراء فان تعرضوا لذلك ضوعف عليهم بالخمس ويؤيده ما رواه الشيخ عن أبي عبيدة الحذاء فذكر الرواية المتقدمة وهذا الاستدلال وان كان في غاية الضعف من وجوه لا تخفى الا انه لا يخرج بذلك عن الدلالة على أن المراد المستدل بل غيره من القائلين الذين استدل لهم بذلك هو مطلق الانتقال ولاجل ما ذكرنا عنون المسألة في المفاتيح بالأرض المنتقلة إلى الذمي ونسب الحكم فيها إلى الأكثر والمسألة لا تخلو عن اشكال انتهى أقول فالاقتصار في الحكم المخالف للأصل على مورد النص أشبه بالقواعد مع أن دعوى ان المناط هو مطلق الانتقال انما تتجه لو علم أن المقصود بشرع هذا الحكم هو استيفاء الحق المتعلق بالأرض المنتقلة إليه من عشر أو خراج كما يلوح به الاستدلال المحكى عن المنتهى وهو لا يناسب ثبوته لأرباب الخمس ولا تعلقه بمطلق الأرض التي يشتريها الذمي كما تقدمت الإشارة إليه فهو حكم تعبدي محض يشكل التخطي عن مورده اللهم الا ان يصرف النص عن ظاهره بحمله على إرادة تضعيف العشر في الأراضي العشرية فيتجه حينئذ التعدي عن مورده بتنقيح المناط ولكنه هدم للأساس كما لا يخفى ثم إن مقتضى اطلاق النص والفتوى عدم اختصاص الحكم بأرض الزراعة بل مطلق الأرض التي اشتريها الذمي من مسلم ولو ارض المسكن والبساتين ونحوهما كما هو صريح جماعة خلافا لما حكى عن الفاضلين في المعتبر والمنتهى فخصاه بأرض الزراعة واستجوده في المدارك نظرا إلى شيوع اطلاق اسم الأرض على ارض الزراعة وعدم تعارف التعبير عن الدار والمسكن والبساتين ونحوها الا بأساميها الخاصة فلو سئل عما يملكه فلان فقيل له شئ من الأرض أوامر عبده بشراء شئ من الأرض لا يتبادر منه الا إرادة المزرع وفيه ان هذا انما هو لأجل المناسبات المغروسة في الذهن المقتضية للصرف في خصوصيات الموارد ولذا لا ينصرف إليها في مثل قولهم الأرض تطهر باطن النعل وقوله صلى الله عليه وآله جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا إلى غير ذلك من الموارد والحاصل ان نفس الأرض من حيث هي مهما أطلقت لا ينسبق إلى الذهن منها الا نفسها من حيث هي وانما ينسبق إلى الذهن بعض أنواعها في بعض الموارد لقرائن حالية ونحوها وفيما نحن فيه لا مقتضى للصرف عن الأرض البياض التي اشتريها لان يعمرها دارا أو مسكنا أو بستانا ونحوه وان لم تكن بالفعل قابلة المزرع ولا معدودة لدى العرف من ارض الزراعة نعم ربما تنصرف عن الأراضي المشغولة بالفعل بالعمارة والأشجار ونحوها مما يطلق عليه بالفعل اسم الدار والحمام والبستان ونحوه لا لانصراف اسم الأرض عن ارضها بل لان دخول الأرض في المبيع في مثل هذه الأشياء انما هو بالتبع فهي بعنوان أرضيتها غير متعلقة للشراء بل بعنوان جزئيتها للحمام مثلا ولذا لا يقال عرفا اشترى الأرض بل يقال اشترى الحمام فان أراد الفاضلان بأرض الزراعة خصوصها فدعوى الانصراف ممنوعة وان أرادا بها ما يقابل الأرض المشغولة التي لا يطلق على شرائها اسم شراء الأرض فهو لا يخلو عن وجه وان كان دعوى الانصراف عن ارض الدار والحمام ونحوها أيضا إذا كانت بعنوان أرضيتها متعلقة للشراء كما لو كانت عمارتها مثلا لشخص وأرضها لشخص اخر فاشترى ارضها من صاحبها دون عمارتها أو اشترى مجموعهما من صاحبهما على وجه تكون ارضها بهذا العنوان ملحوظة بالشراء لا تخلو عن تأمل بل منع فيتجه حينئذ التفصيل بين ما لو اشترى ذمي أرضا من مسلم ولو ارض دار وحمام أو دكان و نحوه أو اشترى نفس الدار والحمام والدكان فعليه الخمس في الأول حيث يصدق عليه انه اشترى أرضا بخلاف الثاني لا يقال إنه إذا ثبت في الأول يثبت في الثاني أيضا لعدم القول بالفصل لأنا نقول كثير من الأصحاب لم يعبروا الا بمثل ما ورد في النص فكلامهم أيضا كالنص ينصرف عن مثل الفرض فمن أين يعلم الزامهم بثبوت الخمس فيه كي يمكن ادعاء عدم القول بالفصل واشكل منه دعوى تنقيح المناط لما أشرنا إليه انفا من كون الحكم تعبديا محضا ولذا أشكل التخطي عن مورد النص إلى ساير انحاء الانتقال فكيف يمكن القطع بالمناط فالانصاف ان القول بوجوب الخمس في مثل الفرض لا يخلو عن اشكال لا تدعو كون شراء الأرض في مثل هذه الموارد ضمنيا وهو خلاف ما يتبادر من النص فإنها ممنوعة إذ لا فرق بين الشراء الضمني و الاستقلالي في صدق شراء الأرض بل لكونه تبعيا كغيرها من اجزاء الدار من الجص والاجر والأحجار والأخشاب ونحوها مما لا يكون بعناوينها الخاصة مقصودة بالشراء هذا ولكن قد يغلب على الظن ان كل من قال بثبوت الخمس في ارض الدار ونحوها لو اشتريها مستقلة قال به لو انتقلت إليه تبعا لشراء الدار الا ان التعويل على مثل هذا الظن
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»