مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ١٣٧
ايصال مال الغير إليه في كونه مطهرا لهذا المال وكفى بكونه كذلك مصححا لان يعد في عداد ما فيه الخمس كما في خبر ابن مروان والا فهو في الحقيقة ليس منها وكون عدده في هذا الخبر مع اشتماله على هذا القسم خمسة لا ينافي ما في بعض الأخبار الحاصرة له فيما عداه من ثبوته أيضا في خمسة مع خلوه عن هذا القسم فان أحد الخمسة التي أريد من تلك الأخبار الملاحة وهى في هذه الرواية مندرجة في المعادن فلا منافاة فليتأمل تنبيهان الأول قال شيخنا المرتضى رحمه الله لو ظهر المالك بعد اخراج الخمس فهل يضمن الدافع كما صرح به الشهيدان في الروضة والبيان أم لا كما عن الرياض والمدارك والذخيرة قولان من قائدة اليد وكون الاذن في التخميس في مقام بيان سبب إباحة التصرف في الباقي فلا يفيد رفع الضمان نعم غايته رفع الاثم مضافا إلى النص الضمان في أمثاله من التصدق بمجهول المالك و اللقطة ومن ظاهر التعليل في قوله عليه السلام ان الله رضى من الأموال بالخمس ان ولاية الخليط المجهول مالكه انتقل مع جهل المالك إلى الله سبحانه وقد رضى عن الخليط بالخمس فاخراجه مطهر للمال ومبرء للذمة بحكم المراضاة الحاصلة بين مالك الحلال وبين الشارع تقدس ذكره وهذا بخلاف مسألة التصدق بمجهول المالك واللقطة فان الظاهر أن التصدق بهما انما هو عن صاحبه اذن الشارع في ايقاع هذا العمل للمالك شبه الفضولي وأين هو من ايصال المال إلى ولى تملكه كما يستفاد من تعليل اخبار الباب مع أن التصدق بمجهول مالك جائز لجواز بقائه أمانة تسليمه إلى الحاكم فلا ينافي في الضمان بخلاف دفع هذا الخمس فإنه واجب ويبعد معه الضمان انتهى كلامه قدس سره وهو جيد الا ان ما ذكره في ذيل عبارته من أن هذا الخمس واجب ويبعد معه الضمان ينافيه ما ذكره في وجه الضمان من أن الاذن في التخميس في مقام بيان سبب إباحة التصرف في الباقي لان وجوبه على هذا التقدير شرطي لا شرعي وثبوت الضمان معه أقرب من ثبوته مع الصدقة الصادرة عن اذن الشارع خصوصا مع عدم كون يده في الموارد التي ورد فيها الامر بالصدقة يد ضمان بخلاف المقام مع انا قد أشرنا انفا إلى امكان الالتزام بعدم تعينه بل كونه مخيرا بين التصدق وصرف خمسه في بنى الهاشم ابن لم ينعقد الاجماع على خلافه فعمدة ما يصح الاستناد إليه لرفع الضمان هو ما ادعاه من استفادته من الاخبار بالتقريب الذي ذكره فليتأمل الثاني قال شيخنا المرتضى (ره) وفاقا لغير واحد ما لفظه لو كان الحلال مما فيه الخمس لم يسقط باخراج هذا الخمس لعدم الدليل على سقوطه فيجب حينئذ أولا هذا الخمس فإذا حل لمالكه وطهر عن الحرام اخرج خمسه ولو عكس صح لكن تظهر لفائدة فيما لو جعلنا مصرف هذا الخمس غير الهاشمي وحينئذ فليس له العكس وكيف كان فالقول بوحدة الخمس كما يحكى ضعيف جدا ولعله لاطلاق قوله عليه السلام وسائر المال لك حلال ولا يخفى انه من حيث اختلاط الحرام لا من كل جهة ولذا لو كان زكويا لم يسقط زكاته انتهى أقول تعدد الخمس بتعدد أسبابه هو الذي يقضيه اطلاقات أدلته ولكن قد يشكل ذلك بناء على إرادة الخمس المصطلح من خبر السكوني الذي ورد فيه الامر بالتصدق بخمس ماله فان خمسه على ارادته من حيث الاختلاط مع وروده في المال المجتمع بالكسب في الأزمنة السابقة الذي يتعلق به خمس الاكتساب أيضا غالبا لا يخلو عن بعد خصوصا مع ما فيه من التعليل بان الله رضى من الأشياء بالخمس وقياسه على سائر الحقوق المتعلقة بماله مما يختلف معه نوعا ومستحقا قياس مع الفارق نعم هذا متجه فيما لو أريد به الصدقة لا الخمس المصطلح كما نفينا البعد عنه وكيف كان فالأظهر ما ذكروه من عدم سقوط خمس الاكتساب ونحوه بهذا الخمس وان قلنا بظهور الخبر المزبور في الاكتفاء به بناء على إرادة الخمس منه إذ لم يثبت إرادة هذا المعنى منه كما تقدمت الإشارة إليه والله العالم الصورة الثانية ما إذا علم مقدار الحرام ولم يعرف صاحبه فقد صرح غير واحد بأنه يتصدق به سواء كانت بقدر الخمس أو أقل أو أكثر بل ربما يظهر عدم الخلاف فيه واستدل له بجمله من الاخبار كرواية على ابن أبي حمزة قال كان لي صديق من كتاب بنى أمية فقال لي استأذن لي على أبي عبد الله عليه السلام فاستأذنت عليه فاذن له فلما ان دخل سلم و جلس ثم قال جعلت فداك انى كنت في ديوان هؤلاء القوم فأصبت من دنياهم مالا كثيرا أغمضت في مطالبه فقال أبو عبد الله عليه السلام لولا أن بنى أمية وجدوا لهم من يكتب ويجى لهم الفئ ويقاتل عنهم ويشهد جماعتهم لما سلبوا حقنا ولو تركهم الناس وما في أيديهم ما وجدوا شيئا قال فقال الفتى جعلت فداك فهل لي مخرج منه قال إن قلت لك تفعل قال افعل قال له فأخرج من جميع ما اكتسبت في ديوانهم فمن عرفت منهم رددت عليه ما له ومن لم تعرف تصدقت به وانا اضمن لك على الله عز وجل الجنة فاطرق الفتى طويلا ثم قال له لقد فعلت جعلت فداك قال ابن أبي حمزة فرجع الفتى معنا إلى الكوفة فما ترك شيئا على وجه الأرض الا خرج منه حتى ثيابه التي كانت على بدنه قال فقسمت له قسمة واشترينا له ثيابا وبعثنا إليه ينفقه قال فما اتى عليه الا اشهر قلائل حتى مرض فكنا نعوده قال فدخلت يوما وهو في السوق قال ففتح عينيه ثم قال لي يا علي وفي لي والله صاحبك قال ثم مات فتولينا الامره فخرجت حتى دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فلما نظر إلي قال لي يا علي وفينا والله لصاحبك قال فقلت جعلت فداك والله هكذا قال والله لي عند موته وصحيحة يونس بن عبد الرحمن المروية عن الكافي والتهذيب قال سئل أبو الحسن الرضا عليه السلام وانا حاضر فقال له السائل جعلت فداك رفيق كان لنا بمكة فرحل منها إلى منزله ورحلنا إلى منازلنا فلما ان صرنا في الطريق أصبنا بعض متاعه معنا فأي شئ نضع به قال تحملونه حتى تحملوه إلى الكوفة قال لنا نعرف بلده ولا نعرف كيف نصنع قال إذا كان كذا فبعه وتصدق بثمنه قال له على من جعلت فداك قال على أهل الولاية ورواية فيض بن حبيب صاحب الخان قال كتبت إلى العبد الصالح عليه السلام قد وقعت عندي ماتا درهم وأربعة دراهم وأنا صاحب فندق ومات صاحبها ولم اعرف له ورثة ورأيك في اعلامي حالها وما اصنع بها وقد ضقت بها ذرعا فكتب اعمل لها واخرجها صدقة قليلا قليلا حتى يخرج ولعل امره بالعمل بها واخراجها قليلا قليلا لعلمه بحاجته فأمره بالعمل لينتفع به ويحتمل ان يكون من قبيل ميراث من لا وارث له مما هو ملك للإمام عليه السلام فيكون امره بهذا النحو من التصدق ترخيصا له بهذا النحو من التصرف كما يؤيد هذا الاحتمال رواية محمد بن القاسم بن الفضيل بن يسار عن أبي الحسن عليه السلام عن رجل صار في يده مال لرجل ميت لا يعرف له وارثا كيف يصنع بالمال قال ما أعرفك لمن هو يعنى لنفسه وقد ورد أيضا في بعض الأخبار الواردة في ميراث من لا وارث له الامر بالتصدق فيحتمل ان يكون هذه الرواية أيضا منها ويؤيد المطلوب أيضا بعض الروايات الواردة في بيع تراب الصياغة والتصدق بثمنه مثل خبر علي بن ميمون الصائغ المروى عن الكافي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عما يكنس من التراب فأبيعه فما اصنع به قال تصدق به فاما لك واما لأهله الحديث وعن الشيخ باسناده عن علي الصائغ قال سئلته عن تراب الصواغين وانا
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»