مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ١١٥
فيه الخمس الكنوز بلا خلاف فيه ولا اشكال بل عن غير واحد دعوى الاجماع عليه ويدل عليه مضافا إلى الاجماع وعموم الآية الشريفة وبعض الروايات الواردة في تفسيرها المتقدمة في صدر المبحث ولا سيما في خصوص المقام الذي ورد في بعض الأخبار انه مورد لنزول الآية مثل ما عن الصدوق باسناده عن حماد بن عمرو انس بن محمد عن أبيه جميعا عن الصادق عن ابائه في وصية النبي لعلى عليهما السلام قال يا علي أن عبد المطلب سن في الجاهلية خمس سنن أجراها الله في الاسلام إلى أن قال ووجد كنزا فأخرج منه الخمس وتتصدق به فانزل الله واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه خصوص اخبار مستفيضة تقدمت جملة منها في المعادن وسيأتي بعضها في طي المبحث إنشاء الله ثم إنه ربما يطلق على الكنز اسم الركاز كما في عبارات كثير من الأصحاب كالدروس ومحكى التذكرة والمنتهى ولكن صدق اسم الركاز على بعض المصاديق التي قد يشك في صدق اسم الكنز عليه مما سيأتي الكلام فيه أوضح بل هو باطلاقه قد يتناول المعدن ونحوه مما لا يشك في خروجه عن مسمى الكنز كما في صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن المعادن ما فيها فقال كل ما كان ركازا ففيه الخمس الحديث وهو أي الكنز على ما عرفه جماعة كالمصنف وغيره كل مال مذخور تحت الأرض والمتبادر منه إرادة كونه عن قصد فلا يتناول المال المستتر بالأرض لا عن قصد أو بقصد غير الادخار كحفظه في مدة قليلة مثلا كما صرح بذلك الشهيد الثاني في المسالك والروضة ففي الأول قال يعتبر في الادخار كونه مقصودا لتحقق الكنز فلا عبرة باستتار المال بالأرض بسبب الضياع بل يلحق باللقطة ويعلم ذلك بالقرائن الحالية كالوعاء وقال في الروضة في تعريف الكنز هو المال المذخور تحت الأرض قصدا انتهى ولكن حكى عن كاشف الغطاء انه لم يعتبر القصد فيه بل فسر الكنز الذي يجب فيه الخمس بما كان من النقدين مذخورا بنفسه أو بفعل فاعل ولكنك خبير بان اطلاق المذخور على العاري عن القصد مبنى على ضرب من التوسع فلا يبعد ان يكون اطلاق اسم الكنز عليه أيضا من هذا الباب فالانصاف ان صدق اسم الكنز حقيقة على المال المستتر بالأرض بنفسه لا بفعل فاعل لا يخلو عن تأمل وان كان ربما يساعد عليه العرف في بعض موارد استعمالاتهم كقولهم عثر فلان على كنز فإنهم لا يلتفتون في مثل هذا الاطلاق إلى كون ذلك الشئ الذي عثر عليه مما كنزه انسان لفاقته كما فسر الكنز به في مجمع البحرين أو كونه مستترا في الأرض بنفسه ولكن لا يبعدان يكون هذا الاطلاق مبنيا على التوسع وعدم الالتفات إلى جهة قيامه بالفاعل وكيف كان فان سلمنا صدق اسم الكنز على مثل الفرض حقيقة فهو والا فهو بحكمه في تعلق الخمس به كما يدل عليه الصحيحة المتقدمة المصرحة بان كل ما كان ركازا الخ إذا لا يتوقف صدق اسم الركاز على القصد والا لما صدق على المعادن ثم إن المراد بتحت الأرض بحسب الظاهر ما يعم جوف الابنية والسقوف إذ لاخفاء في صدق اسم الكنز عليه بمقتضى وضعه واستعماله في المحاورات العرفية ولذا لا ينسبق إلى الذهن من مثل قول القائل ان فلانا وجد كنزا الا انه وجد ما لا مذخورا في الأرض أعم من أن يكون تحت الأرض أو في بناء ونحوه فما عن كاشف الغطاء من منع جريان الحكم في مثله لا يخلو عن نظر نعم هو متجه في مثل المذخور تحت حطب أو بطن شجرا وخشبة ونحوها فإنه لا يطلق اسم الكنز على مثله عرفا ولا أقل من انصراف اطلاقه عنه فما عن غير واحد من ايجاب الخمس في مثل هذه الفروض بل فيما يوجد في جوف الدابة وبطن السمكة محل نظر بل منع إذ لا وجه يعتد به له عدى ادعاء تنقيح المناط الذي عهدته على مدعيه والله العالم ثم إن ظاهر المتن وغيره ان لم يكن صريحه غير واحد من العلماء واللغويين ممن تعرض لتفسير الكنز صدقه على كل مال مذخور في الأرض فيثبت الحكم في الجميع لعموم أدلته ودعوى انصراف اطلاق الكنز الوارد في النصوص إلى خصوص من النقدين محل نظر بل منع خصوصا ولو أريد بهما المسكوك فما عن كاشف الغطاء من تخصيصه موضوعا أو حكما بالنقدين وان ما عداهما بتبع حكم اللقطة وفاقا للمحكى عن ظاهر جماعة من القدماء حيث لم يذكروا غيرهما ضعيف اللهم الا ان يتمسك لذلك بدليل خاص كما في المستند حيث استدل للاختصاص بمفهوم صحيحة البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سئلته عما يجب فيه الخمس من الكنز فقال ما يجب في مثله الزكاة ففيه الخمس فقال ما لفظه ظاهر اطلاق جماعة وصريح المحكى عن الاقتصاد والوسيلة والتحرير والمنتهى والتذكرة وبيان ودروس عدم الفرق في وجوب الخمس بين أنواع الكنز من ذهب وفضة ونحاس وغيرها لعموم الأدلة وظاهر الشيخ في النهاية والمبسوط والجمل والحلي في السرائر وابن سعيد في الجامع الاختصاص بكنوز الذهب والفضة ونسبه بعض من تأخر إلى ظاهر الأكثر وهو الأظهر لمفهوم صحيحة البزنطي المتقدمة وحمل مثله فيها على الأعم من العين والقمية تجوز لا دليل عليه وبه يخصص عموم الاخبار مع أنه قد يتأمل في اطلاق الكنز على غير الذهب والفضة أيضا انتهى وأجيب عنه بان ظاهرها إرادة المقدار كما اعترف به في الرياض بل ادعى الاتفاق على إرادة المقدار منه لا النوع ويؤيد ذلك ورود مرسلة بمضمونها صريحة في المقدار وهى ما عن المفيد في المقنعة قال سئل الرضا على السلام عن مقدار الكنز الذي يجب فيه الخمس فقال ما يجب فيه الزكاة من ذلك ففيه الخمس وما لم يبلغ حد ما يجب فيه الزكاة فلا خمس فيه أقول المتبادر من اطلاق المثل إرادة المماثلة على الاطلاق أي في ساير الجهات التي لها دخل في موضوعية المثل لحكمه لا مقدار ماليته الذي هو امر اعتباري لا دخل في حقيقة المثل ولا في حكمه كما هو مراد المجيب نعم ظاهره كون المماثلة في المقدار أيضا مقصودا بالتشبيه ولكن مقدار نفس المثل الذي هو من مقومات موضوعيته لوجوب الزكاة اعني كونه عشرين مثقالا ان كان ذهبا ومأتي درهم ان كان فضة فإنه من اظهر الجهات التي ينسبق إلى الذهن من اطلاق المثل لا مقدار قيمته فإنه خارج عن منصرف التشبيه كغيره من الجهات الاعتبارية التي لها دخل في تعلق حكمه كحلول الحول وكون مالكه متمكنا من التصرف فيه ونحوه اللهم الا ان يدعى ظهور السؤال في تعلقه به من هذه الجهة فيكون اطلاق المثل في الجواب حينئذ منزلا عليه و لكنه لا يخلو عن تأمل بل منع إذا المتبادر من السؤال ليس الا تعلقه بنفس ما يجب فيه الخمس من حيث هي المن حيث القيمة فيكون الجواب بمنزلة ان يقال الخمس انما يجب في الكنز المماثل للموضوع الذي يتعلق به وجوب الزكاة وهذا ظاهر في إرادة المماثلة من سائر الجهات لا المساواة في القمية واما ما في الرياض من دعوى اتفاق الأصحاب على فهم المقدار منه لا النوع فهو انما يجدى فيما لو كان فهمهم لذلك كاشفا عن قرينة داخلية أو خارجية أرشدتهم إليه وما لم
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»