مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ١٠١
كثير فقال إن كان أورثه مالا ثم ظهر عليه دين لم يعلم به يومئذ فيقضيه عنه قضاه عنه من جميع الميراث ولم يقضه من زكاته وإن لم يكن أورثه مالا لم يكن أحد أحق بزكاته من دين أبيه فإذا أداها في دين أبيه على هذا الحال أجزأت عنه في المدارك بعد نقل هذه الرواية قال ويستفاد من هذه الرواية اعتبار قصور التركة عن الدين كالحي وبه صرح ابن الجنيد والشيخ في المبسوط وقال في المختلف لا يعتبر ذلك لعموم الامر باحتساب الدين على الميت من الزكاة ولأنه بموته انتقلت التركة إلى ورثته فصار في الحقيقة عاجزا ويرد على الأول إن العموم مخصوص بحسنة زرارة فإنها صريحة في اعتبار هذا الشرط وعلى الثاني إن انتقال التركة إلى الوارث إنما يتحقق بعد الدين والوصية كما هو منطوق الآية الشريفة واستثنى الشارح قدس سره من ذلك ما لو تعذر استيفاء الدين من التركة أما لعدم إمكان إثباته أو لغير ذلك فجوز الاحتساب عليه حينئذ وإن كان غنيا وللنظر فيه مجال إنتهى أقول لا يستفاد من الحسنة إلا أنه ليس للوارث صرف زكاته في دين أبيه إذا كان لمورثه تركة يمكن قضاء دينه منها سواء ظهر الدين قبل تقسيم التركة أم بعده بل يجب عليه إخراج الدين من أصل التركة المتقدمة على الإرث وهذا مما لا شبهة فيه فإن صرف الوارث زكاته في يدن أبيه في مثل الفرض مرجعه إلى صرفها في مصلحة نفسه حيث يكون موجبا لصيرورة التركة ملكا طلقا له من دون أن يترتب عليه فائدة للميت أو لغرمائه إذ لا يتفاوت الحال بالنسبة إليهما بين أن يؤدي الدين من التركة أو من غيرها هذا مع أن الحاجة إلى الزكاة في فضاء الدين شرط في الغارمين والأدلة الدالة على جواز قضاء دين الميت من الزكاة لم تدل عليه حتى في مثل الفرض لكي يكون مثل هذه الرواية مخصصة لها ضرورة قصورها عن شمول ما لو ترك الميت ما يفي بدينه ولم يكن هناك مانع شرعي أو عرفي عن صرف تركته في دينه كما لا يخفى على من لاحظها نعم لو تعذر استيفاء الدين من تركته كما لو أمتنع الوارث من أدائه أو غصبها ثالث أو لم يتمكن الدائن من إثباته أو غير ذلك من الموانع قد يقال بجواز قضائه من الزكاة لحاجته إليها كما تقدم نقله من المسالك ولكنه بالنسبة إلى من كان موسرا قبل موته لا يخلو من إشكال فإن ما دل على جواز صرف الزكاة في قضاء دين الغارمين كالآية الشريفة ونظائرها منصرف إلى الاحياء وما دل عليه في الأموات كالاخبار المزبورة لا تدل عليه في الموسر أما الخبر الأول والأخير فواضح حيث إنهما لا يدلان على الجواز إلا فيمن قصرت تركته عن دينه والرواية الثانية أيضا لم تدل عليه في الموسر نعم مقتضى إطلاق قوله (ع) وإن مات قبل ذلك أحتسب من الزكاة شموله لما إذا مات قبل ذلك وخلف دارا ونحوها من المستثنيات الوافية بدينه ولكن قد أشرنا إلى انصرافه عن صورة استيفاء دينه من تركته وكيف كان فصورة كونه موسرا حال حياته ومات مديونا خارج عن موضوع هذه الرواية سواء تمكن من استيفاء دينه من تركته عبد موته أو تعذر اللهم إلا أن يقال إنه يستفاد من هذه الأخبار إنه لا فرق في الغارم الذي جعل في الآية الشريفة مصرفا للزكاة بين كونه حيا أو ميتا ومناط الجواز في الجميع الحاجة إلى قضاء دينه من الزكاة سواء لم يكن له مال أصلا أو كان ولكن تعذر صرفه في دينه كالمغصوب والله العالم وكذا لو كان الدين على من تجب نفقته جاز أن يقضى عنه حيا وميتا وأن يقاص بلا خلاف فيه على الظاهر ولا إشكال ويدل عليه مضافا إلى العمومات خصوص حسنة زرارة المتقدمة وموثقة إسحاق بن عمار قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن رجل على أبيه دين ولابنه مؤنة أيعطي أباه من زكاته يقضي دينه قال نعم ومن أحق من أبيه ولا ينافي ذلك الروايات الدالة على عدم جواز إعطاء الزكاة لأبيه وأمه وغيرهما ممن وجبت نفقته عليه كصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام قال خمسة لا يعطون من الزكاة شيئا الأب والام والولد والمملوك والزوجة وذلك إنهم عياله لازمون له لان المراد إعطائهم من حيث الفقر والحاجة إلى النفقة كما يدل عليه قوله (ع) وذلك إلى آخره فإن قضاء الدين لا يلزمه اتفاقا كما ادعاه في الجواهر ولو صرف الغارم ما دفع إليه من سهم الغارمين بأن عينه المالك لهذا المصرف في غير القضاء ارتجع على الأشبه لان للمالك الولاية على صرفه في الأصناف وقد عينه للصرف في قضاء دينه ولم يفعل ولم يجعله ملكا طلقا له كي يجوز له التصرف فيه كيف ما يشاء وحكي عن الشيخ في المبسوط وجمله القول بأنه لا يرتجع لحصول الملك بقبضه وفيه ما عرفت من منع صيرورته ملكا طلقا له بعد أن لم يرخصه المالك لا في التصرف فيه على جهة خاصة ولو أدعى أن عليه دينا قبل قوله إذا صدقه الغريم فإنه لو لم يقبل قوله ولو مع تصديق الغريم لأدى ذلك إلى حرمان جل أهل الاستحقاق من هذا السهم وهو مناف لما يقتضي شرعيته فهذا مما لا ينبغي الاستشكال فيه وكذا يقبل قوله لو تجردت دعواه عن التصديق والانكار وقيل لا يقبل في المدارك قال يحتمل أن يكون المراد به عدم القبول بدون البينة أو اليمين ولم أقف على مصرح بذلك من الأصحاب نعم حكي العلامة في التذكرة عن الشافعي إنه قال لا يقبل دعوى الغرم إلا بالبينة لأنه مدع ولا يخلو من قوة إنتهى وهو جيد وقياس مدعى الغرم على مدعي الفقر قياس مع الفارق إذ الفقر مما لا يعرف غالبا إلا من قبله وهذا بخلاف الغرم إذ الغالب علم الغريم به وتيسر إقامة البينة عليه ومن هنا يظهر إن القول بعدم القبول لدى تجرده عن تصديق الغريم لا الأول أشبه بالقواعد ومن جملة المصارف في سبيل الله وهو على ما عن المقنعة والنهاية والمراسم و غيرها الجهاد خاصة وقيل يدخل فيه المصالح كبناء القناطر والحج ومساعدة الزائرين وبناء المساجد وغير ذلك من سبل الخير وقد نسب هذا القول إلى الأكثر بل المشهور بل إلى عامة المتأخرين بل عن الخلاف والغنية الاجماع عليه وهو الأشبه بعموم لفظ الكتاب والروايات الواردة في هذا الباب مثل ما رواه علي بن إبراهيم في تفسيره عن العالم عليه قال وفي سبيل الله قوم يخرجون إلى الجهاد وليس عندهم ما ينفقون أو قوم من المؤمنين ليس عندهم ما يحجون به أو في جميع سبل الخير فعلى الإمام عليه السلام أن يعطيهم من مال الصدقات حتى يقووا على الحج والجهاد وصحيحة علي بن يقطين المروية عن الفقيه إنه قال لأبي الحسن عليه السلام يكون عندي المال من الزكاة فأحج به موالي وأقاربي قال نعم وصحيحة محمد بن مسلم المروية عن الكافي وعن مستطرفات السرائر نقلا عن نوادر أحمد بن محمد بن أبي نصر عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الصرورة أيحجه الرجل من الزكاة قال نعم ويدل عليه أيضا خبر الحسين بن عمر قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أن رجلا أوصى إلي بشئ في سبيل الله فقال لي أصرفه في الحج فأني لا أعلم شيئا في سبيل الله أفضل من الحج وخبر الحسن بن راشد قال سئلت أبا الحسن العسكري عليه السلام بالمدينة عن رجل أوصى بمال في سبيل الله فقال سبيل الله شيعتنا فالمراد بمثل هذه الرواية بحسب الظاهر بيان أفضل مصاديق سبيل الله وأوضحه لا انحصار سبيل الله فيما يصرف إلى الشيعة
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»