مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ٣ - الصفحة ١٠٨
هذا كتاب الخمس منه قدس سره الشريف بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين كتاب الخمس وهو حق مالي فرضه الله تعالى على عباده فقال تبارك وتعالى في محكم كتابه واعلموا انما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ان كنتم امنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شئ قدير وقال الصادق عليه السلام في ما رواه في الوسائل عن الصدوق في الفقيه مرسلا وفي الخصال مسنده ان الله لا إله إلا هو لما حرم علينا الصدقة انزل لنا الخمس فالصدقة علينا حرام والخمس لنا فريضة والكرامة لنا حلال فهو على اجماله مما لا ريب فيه بل هو من الضروريات التي يخرج منكرها عن زمرة المسلمين وتفصيله يتوقف على شرح ما به يتعلق هذا الحق ومستحقيه ففيه فصلان وينبغي قبل الخوض في المقصد التنبيه على امر وهو انه يظهر من جملة من الاخبار ان الدنيا بأسرها ملك لرسول الله وأوصيائه عليه وعليهم السلام ولهم التصرف فيها بما يريدون من الاخذ والعطاء منها رواية أبي بصير عن الصادق عليه السلام قال قلت له اما على الامام زكاة فقال أحلت يا أبا محمد اما علمت أن الدنيا والآخرة للامام يضعها حيث يشاء ويدفعها إلى من يشاء جائز له ذلك من الله ان الامام لا يبيت ليلة ابدا ولله في عنقه حق يسئله عنه وخبر ابن ريان قال كتبت إلى العسكري عليه السلام روى لنا ان ليس لرسول الله صلى الله عليه وآله من الدنيا الا الخمس فجاء الجواب ان الدنيا وما عليها لرسول الله صلى الله عليه وآله وفي مرسل محمد بن عبد الله المضمر الدنيا وما فيها لله ولرسوله ولنا فمن غلب على شئ منها فليتق الله وليؤد حق الله وليبر اخوانه فإن لم يفعل ذلك فالله ورسوله ونحن براء منه وفي خبر اخر عن الباقر عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله خلق الله تعالى ادم واقطعه الدنيا قطيعة فما كان لادم فلرسول الله وما كان لرسول الله فهو للأئمة من آل محمد صلى الله عليه وآله وفي خبر أبي سيار قال أبو عبد الله عليه السلام أو ما لنا من الأرض وما اخرج الله منها الا الخمس يا ابا سيار الأرض كلها لنا فما اخرج الله منها من شئ فهو لنا الحديث وفي خبر أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر عليه السلام قال وجدنا فكتاب علي عليه السلام ان الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين انا وأهل بيتي أورثنا الأرض ونحن المتقون والأرض كلها لنا فمن أحيى أرضا من المسلمين فليعمرها وليؤت خراجها إلى الامام من أهل بيتي وله ما اكل منها الحديث إلى غير ذلك من الاخبار وربما يؤيده قوله صلى الله عليه وآله في خطبة الغدير الست أولى بكم من أنفسكم واعترف المخاطبين به ثم اثباته لعلى عليه السلام فان كونه أولى بهم من أنفسهم يستلزم كونه أحق منهم بالتصرف في أموالهم ولا نعنى بالملكية الا هذا ولكن قد يقال بعدم امكان الالتزام بهذا الظاهر فإنه كاد ان يكون مخالفا للضرورة ولم ينقل عن أحد من الأصحاب التعبد بهذا الظاهر عدى ابن أبي عمير فيما حكاه عنه السندي ابن الربيع حيث قال على ما نقل عنه انه أي ابن أبي عمير لم يكن يعدل بهشام بن الحكم شيئا وكان لا يغتب اتيانه ثم انقطع عنه وخالفه وكان سبب ذلك ان أبا مالك الحضرمي كان أحد رجال هشام وقع بينه وبين ابن أبي عمير ملاحاة في شئ من الإمامة قال ابن أبي عمير ان الدنيا كلها للامام على جهة الملك وانه أولى بها من الذين في أيديهم وقال أبو مالك املاك الناس لهم الا ما حكم الله به للامام من الفئ والخمس والمغنم فذلك له وذلك أيضا قد بين الله للإمام عليه السلام أين يضعه وكيف يصنع به فتراضيا بهشام بن الحكم وصار إليه فحكم هشام لأبي مالك على ابن أبي عمير فغضب ابن أبي عمير وهجر هشاما بعد ذلك ولكنك خبير بان الملكية التي قصدت بهذه الروايات ليست ملكية منافية لمالكية ساير الناس لما جعلهم الله لهم كسهمهم من الخمس بالملكية من سنخ ملكية الله تبارك وتعالى لما في أيديهم فقضية التعبد بظاهر هذه الروايات هو الالتزام بان حال سائر الناس بالنسبة إلى ما بأيديهم من أموالهم بالمقايسة إلى النبي صلى الله عليه وآله وأوصيائه عليهم السلام حال العبد الذي وهبه مولاه شيئا من أمواله ورخصه في أن يتصرف فيه كيف يشاء فذلك الشئ يصير ملكا للعبد حقيقة بناء على أن العبد يملك ولكن لا على وجه ينقطع علاقته عن السيد فان مال العبد لا يزيد عن رقبته فهو مع ما له من المال ملك لسيده ومتى شاء سيده ان ينتزع منه ما له جاز له ذلك فيصح إضافة المال إلى سيده أيضا بل سيده أحق به من نفسه وأولى بإضافة الما إليه فمن الجائز ان يكون ما في أيدي الناس بالإضافة إلى ساداتهم كذلك فان الدنيا وما فيها أهون على الله من أن يجعلها ملكا لأوليائه ولا يمكن استكشاف عدمه من اجماع أو ضرورة فان غاية ما يمكن معرفته بمثل هذه الأدلة هي ان الأئمة عليهم السلام كانوا ملتزمين في مقام العمل بالتجنب عما في أيدي الناس وعدم استباحة شئ منها الا بشئ من الأسباب الظاهرية المقررة في الشريعة وهذا لا يدل على أنه لم يكن لهم في الواقع الا هذا فلا مانع عن التعبد بظواهر النصوص المزبورة المعتضدة بغيرها من المؤيدات العقلية والنقلية نعم لو كان مفادها الملكية الغير المجامعة لملكية سائر الناس كحصتهم من الخمس لكانت مصادمة للضرورة ولكنك عرفت انه ليس كذلك ويظهر من مخاصمة أبى مالك مع ابن أبي عمير في القضية المزبورة انه زعم أن ابن أبي عمير أراد هذا المعنى من الملكية فأنكره عليه و صدقه هشام في ذلك وهو في محله على تقدير كونه كما زعم ولكن لا يظن بابن أبى عمير ارادته والله العالم الفصل الأول فيما يجب فيه وهو سبعة على الأصح الأول غنائم دار الحرب وهذا القسم على اجماله هو القدر المتيقن مما يفهم حكمه بنص الكتاب ويدل عليه كثير من الاخبار وقضية عموم الكتاب وبعض الأخبار الدالة عليه كخبر أبي بصير عن الباقر عليه السلام أنه قال كل شئ قوتل عليه على شهادة ان الله لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله فان لنا خمسه ولا يحل لاحد ان يشتري من الخمس شيئا حتى يصل الينا حقنا بل وكذا اطلاق كثير من معاقد اجماعاتهم المحكية كصريح المتن وغيره ان الغنائم التي يجب فيها الخمس أعم مما حواه العسكر وما لم يحوه من ارض وغيرها ما لم يكن مغصوبا من مسلم أو معاهد نحو هما من محترمى المال فلا ينبغي الاستشكال فيه كما أنه لا ينبغي التأمل في وجوب رد المغصوب
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»