الموجبة للعم بجهتها ولذا عده غير واحد من تلك العلائم كما تقدمت الإشارة إليه وعدم استمراره على وجه واحد لا يقدح في ذلك فان الاختلاف الناشي من ذلك ليس بأزيد من الاختلاف الناشي من العلائم المختلفة التي ذكروها لأهل العراق بل ولا من الاختلاف بين البلاد المتقاربة التي حكموا برجوعها إلى علامة واحدة وقد عرفت ان هذا المقدار من الاختلاف غير مخل بتشخيص الجهة التي يجب استقبالها للبعيد هذا مع أنك عرفت عند تفسير الجهة انها تختلف بالنسبة إلى المتمكن من تشخيصها في السمت المضاف إلى الشئ عرفا وبالنسبة إلى من لم يتمكن من تشخيصها الا في جانب من جوانبه الأربع فقد يكون مطلق السمت الواقع فيه الكعبة بالنسبة إليه قبلة فيحتمل قويا ان يكون المراد بمن جهلها في المقام من لم يتمكن من العلم بجهتها رأسا بحيث لم يشخصها في جانب من جوانبه الأربع كما يؤيد ذلك خلافهم في أنه هل يجب عليه الاحتياط والصلاة أربعا إلى جوانبه الأربع مع الامكان وعند الضرورة يعول على ظنه كما حكى أقول بذلك عن ظاهر الشيخ في التهذيب والخلاف وصريح ابن حمزة حيث قال على ما نسب إليه ان فاقد الامارات يصلي أربعا مع الاختيار ومع الضرورة يصلي إلى جهة تغلب على ظنه أو لا يجب عليه ذلك بل يعول ابتداء على ظنه كما في المتن وغيره بل لعله المشهور بل لم ينقل الخلاف فيه ممن عداهما وكيف كان فما هو المشهور اي جواز تشخيص القبلة بالأمارات الظنية وعدم وجوب الاحتياط بتكرير الصلاة إلى الجهات الأربع هو الأقوى كما يدل عليه صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال يجزي التحري ابدا إذا لم يعلم أين وجه القبلة وموثقة سماعة قال سئلته عن الصلاة بالليل والنهار إذا لم ير الشمس ولا القمر ولا النجوم قال اجتهد رأيك وتعمد القبلة جهدك وقد عرفت في مبحث المواقيت امكان الخدشة في دلالة هذه الرواية على المدعى فليتأمل وعن تفسير النعماني باسناده عن الصادق عليه السلام عن ابائه عليهم السلام في قول الله تعالى فول وجهك شطر المسجد الحرام قال معنى شطره نحوه ان كان مرئيا وبالدلائل والاعلام ان كان محجوبا فلو علمت القبلة لوجب استقبالها والتولي والتوجه إليها ولو لم يكن الدليل عليها موجودا حتى يستوي الجهات كلها فله ان يصلي باجتهاده حيث أحب واختار حتى يكون على يقين من الدلالات المنصوبة والعلامات المبثوثة فان مال عن هذا التوجه مع ما ذكرناه حتى يجعل الشرق غربا والغرب شرقا زال معنى اجتهاده وفسد حال اعتقاده ويؤيده بل يشهد له بعض الأخبار التي تسمعها إن شاء الله فيمن صلى بظن القبلة فانكشف له الخطاء وغير ذلك مما لا يخفى على المتتبع ولا يعارضها مرسلة خراش عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت جعلت فداك ان هؤلاء المخالفين علينا يقولون إذا أطبقت السماء علينا أو اظلمت فلم نعرف السماء كنا وأنتم سواء في الاجتهاد فقال ليس كما يقولون إذا كان ذلك فليصل لأربع وجوه لقصورها عن الحجية بعد ضعف سندها ومخالفة ظاهرها للمشهور فضلا عن مكافئتها لما عرفت وهي على تقدير حجيتها لا تصلح مقيدة للأخبار المتقدمة بحملها على صورة الضرورة كما توهمه بعض فان تنزيل الأخبار المطلقة على خصوص الفرض الذي لم يتمكن المكلف الامر الاتيان بصلاة واحدة في غاية البعد خصوصا مع اباء صحيحة زرارة التي هي العمد في المقام عن التخصيص فالمتعين طرح المرسلة و رد علمها إلى أهله ويحتمل قويا ان يكون المقصود بالاجتهاد فيها الفتوى بالرأي المؤدي إلى سقوط شرطية القبلة في مثل الفرض والاكتفاء بصلاة واحدة لا الاجتهاد في تشخيص جهة القبلة حتى تعارض الأخبار المتقدمة كما يؤيد ذلك ظهور قوله أطبقت السماء أو اظلمت في إرادة انتفاء امارة على القبلة والله العالم وهل يجوز ترك الاجتهاد وتكرار الصلاة أربعا إلى الجهات الأربع احتياطا أم يجب بدل جهده في تشخيص جهة القبلة بالعلم ان أمكن والا فبالظن ظاهر كلماتهم التسالم على الأخير خصوصا مع التمكن من تحصيل العلم بل ربما يظهر من بعض دعوى اجماع المسلمين عليه ولكن قد يقوى في النظر الأول نظرا إلى أن مستنده على الظاهر ليس الا ما هو المشهور من اعتبار الجزم في النية مع الامكان وعدم كفاية الامتثال الاجمالي بتكرار العبارة مع التمكن من المعرفة التفصيلية وقد عرفت في نية الوضوء ان الأقوى خلافه الا انه قد يشكل ذلك في المقام بعدم كون تكرار الصلاة إلى الجهات الأربع موجبا للقطع بمقابلة بعضها لجهة القبلة حتى يجتزي به مع التمكن من تحصيل العلم بجهة القبلة أو الظن القائم مقامه وانما اكتفى الشارع بأربع صلوات لمن لم يتمكن من معرفة القبلة رأسا اما توسعة عليه أو لكون جهة القبلة بالنسبة إلى الجاهل العاجز عن تشخيص سمتها أوسع كما تقدمت الإشارة إليه نعم لو كرر الصلاة في كل جهة من الجهات بحيث علم بوقوع بعضها إلى جهة القبلة أمكن الالتزام بكفايته على المختار من عدم اعتبار الجزم في النية حين العمل كما أنه يمكن الالتزام بذلك على تقدير الاكتفاء بالأربع صلوات أيضا إذا علم بان الامارات التي يتمكن من الرجوع إليها لا تعينها في أقل من ربع الدائرة ولكنه أيضا لا يخلو من اشكال بعد تسالم الأصحاب على المنع عنه وظهور قوله عليه السلام في الموثقة المتقدمة وتعمد القبلة جهدك في الوجوب فليتأمل فإذا اجتهد فأخبره غيره بخلاف اجتهاده قيل يعمل على اجتهاده ولا يعمل بقول الغير لأنه تقليد للغير فلا يسوغ لمن وظيفته الاجتهاد ويقوى عندي ما في المتن من أنه إذا كان ذلك الخبر أوثق في نفسه عول عليه لأنه أيضا ضرب من الاجتهاد حاكم على الاجتهاد الأول وموجب لصيرورة الظن الحاصل منه بالإضافة إلى ما افاده الخبر وهما ودعوى ان أدلة الاجتهاد منصرفة عن مثله غير مسموعة هذا إذا كان اخبار ذلك الغير أيضا ناشيا عن حدس واجتهاد كما لو اخبر شخص نعمده على حدسه وشدة حذاقته بمعرفة الرياح مثلا بان الريح الذي كنا نظنه شماليا شرقي وان جهة القبلة عكس ما كانا نظنه لولا اخباره فحينئذ يجب التعويل على الظن الفعلي الحاصل من خبره لا الظن التقديري الناشي اجتهادنا المرجوح بالإضافة إليه واما ان كان خبره مستندا إلى امارة حسية موجبة للقطع بالجهة كاخباره الناشي من العلم بمكان الجدي أو المشرق والمغرب علما حسيا لا حدسيا فالأقوى تقديم قوله على الاجتهاد مطلقا ان كان عدلا فضلا عن العدلين لما عرفت في مبحث المواقيت من حجية خبر العادل في الموضوعات الخارجية كالأحكام الشرعية في غير ما يتعلق بالخصومات ونحوها مما يعتبر فيه الشهادة فيكون اخبار العادل بمكان الجدي أو بملزومه اي جهة القبلة
(٩٥)