من الجمع بينها وبين اخبار القامة بعد تفسير القامة بالذراع بجعل الذراع وقتا لغير المتنفل وما بعده وقتا للمتنفل مما لا ينبغي الالتفات إليه فان الطرح أو الحمل على التقية أولى من الجمع بين الاخبار المتناقضة صورة بهذا الوجه فضلا عن جعل تلك الأخبار شاهدة لحمل القامة في هذه الروايات على إرادة ما هو المتبادر منها عرفا دون ما ورد تفسيره في كتاب على مما لم يكن يعرفه المخاطبون كما يشهد بذلك رواية يونس وغيرها نعم ربما يؤيد حمل القامة على الذراع في موثقة معاوية بن وهب الواردة في نزول جبرئيل عليه السلام بالأوقات انه رواها معاوية بن ميسرة نحوها الا أنه قال بدل القامة والقامتين ذراع وذراعين ورواها المفضل بن عمر نحوها الا أنه قال بدل القامة والقامتين قدمين وأربعة اقدام لكن جعل الموثقة وغيرها من اخبار القامة وغيرها من الأخبار المتواترة الدالة على فضيلة ايقاع الظهر بعد الزوال بقدمين كاشفة عن أن صاحب الظل الذي زاد ظله ذراع وذراعين كان رحل رسول الله صلى الله عليه وآله ونحوه مما كان يقيس به الظل وكانت قامته ذراع كما يؤيد ذلك أيضا النبوي المرسل الذي وقع فيه التصريح بان مجيئ جبرئيل عليه السلام في اليوم الثاني كان في الوقت الذي كان كل شئ بقدر ظله فالحق انه لا قصور في دلالة هذه الأخبار على مدعى المشهور واما احتمال صدور هذه الأخبار تقية فهو احتمال سار في ساير الاخبار أيضا ولكنه لا ينافي الاستدلال كما سنوضحه إن شاء الله وقيل أربعة اقدام للظهر وثمان للعصر هذا للمختار وما زاد على ذلك حتى تغرب الشمس وقت لذوي الاعذار لكن لم تعرف من صرح بذلك في العصر نعم حكى عن جماعة التصريح بأربعة اقدام للظهر واستدل له برواية إبراهيم الكرخي قال سئلت أبا الحسن موسى عليه السلام متى يدخل وقت الظهر قال إذا زالت الشمس قلت متى يخرج وقتها فقال من بعد ما يمضي أربعة اقدام ان وقت الظهر ضيق ليس كغيره قلت فمتى يدخل وقت العصر قال إن اخر وقت الظهر هو أول وقت العصر قلت فمتى يخرج وقت العصر فقال وقت العصر إلى أن تغرب الشمس وذلك من علة وهو تضييع الحديث وخبر الفضل بن يونس قال سئلت أبا الحسن الأول عليه السلام قلت المرأة ترى الطهر قبل غروب الشمس كيف تصنع بالصلاة قال إذا رأت الطهر بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة اقدام فلا تصلي الا العصر لان وقت الظهر دخل عليها وهي في الدم وخرج عنها الوقت وهي في الدم فلم يجب عليها ان تصلي الظهر وما طرح الله عنها من الصلاة وهي في الدم أكثر الحديث وحيث انك عرفت فيما سبق امتداد وقت الظهرين للمختار إلى الغروب علمت أن الأوجه حمل مثل هذه الأخبار على إرادة وقت الفضيلة الذي لا ينبغي التأخير عنه وفى ذيل رواية الكرخي ما يشهد بذلك كما عرفته فيما سبق فاختلاف الاخبار منزل على اختلاف مراتب الفضل مع قوة احتمال صدورها تقية وامكان توجيهها بغير ذلك أيضا كما سنشير إليه لكن بقي الاشكال في خبر الفضل حيث إن ظاهره خروج وقت الظهر بعد الأربعة اقدام حتى بالنسبة إلى أولي الأعذار التي مثل لها غير واحد بالحائض وهذا مما لا يقول به أحد وان حكى عن بعض الالتزام به في خصوص المورد لأجل النص ويشهد له أيضا حسنة معمر بن يحيى قال سئلت أبا جعفر عليه السلام عن الحائض تطهر عند العصر تصلي الأولى قال لا انما تصلي الصلاة التي تطهر عندها وموثقة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال قلت المرأة ترى الطهر فتشتغل في شانها حتى يدخل وقت العصر قال تصلي العصر وحدها فان ضيعت فعليها صلاتان وحمل هاتين الروايتين على إرادة الوقت المختص بالعصر اي مقدار أربع ركعات من اخر الوقت بعيد ولا ينافيه بل يؤيده أيضا المستفيضة الدالة على أن المرأة إذا طهرت في وقت صلاة ففرطت فيها كان عليها قضائها مثل ما رواه عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال أيما امرأة رأت الطهر وهي قادرة على أن تغتسل في وقت الصلاة ففرطت فيها حتى يدخل وقت صلاة أخرى كان عليها قضاء تلك الصلاة التي فرطت فيها وان رأت الطهر في وقت فقامت في نهية ذلك فجاز وقت صلاة ودخل وقت صلاة أخرى فليس عليها قضاء وتصلي الصلاة التي دخل وقتها إلى غير ذلك من الأخبار المتقدمة في مبحث الحيض لان المعروف في الصدر الأول ولو بحسب المتعارف فيما بينهم انما هو تفريق الصلوات وتخصيص أول الوقت بالظهر إلى أن يصير الظل قامة أو أربعة اقدام أو نحو ذلك ثم بالعصر فهذه الأخبار أيضا تؤكد مضمون الروايات المتقدمة ولكن يعارضها موثقة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا طهرت المرأة قبل غروب الشمس فلتصل الظهر والعصر وان طهرت من اخر الليل فلتصل المغرب والعشاء وخبر أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلت المغرب والعشاء وان طهرت قبل ان تغيب الشمس صلت الظهر والعصر وخبر داود الدجاجي عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا كانت المرأة حائضا فطهرت قبل غروب الشمس صلت الظهر والعصر وان طهرت من اخر الليل صلت المغرب والعشاء الآخرة ورواية عمر بن حنظلة عن الشيخ عليه السلام قال إذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلت المغرب والعشاء وان طهرت قبل ان تغيب الشمس صلت الظهر والعصر ولولا اعراض المشهور عن الأخبار المتقدمة وموافقتها للعامة كما يظهر من بعض حيث حملها على التقية لكان المتجه ما حكى عن الشيخ وغيره من الجمع بينها وبين هذه الروايات بالحمل على الاستحباب لان تلك الأخبار نص في في لوجوب فيرفع اليد بها عن ظاهر هذه الروايات الامرة بالفعل ولا ينافيه ما هو المختار من امتداد وقت الظهرين إلى الغروب للمختار فضلا عن القول بكون اخر الوقت وقتا لأولي الأعذار ولا لمجرد كون الحكم تعبديا يجب اتباع النصوص الخاصة الواردة فيها وتوجيه ما فيها من خروج الوقت بعد أربعة اقدام ببعض التوجيهات التي يوجه بها نظائرها من الأخبار الكثيرة الواردة في المواقيت بل لان أوقات الصلوات الخمس على ما يظهر من جملة من الاخبار ويساعد عليه الاعتبار كانت في الأصل خمسة ولكن الشارع عمم أوقاتها فجعل الظهرين مشتركين في وقتهما والعشائين كذلك توسعة على العباد وارفاقا بهم وهذا لا يقتضي الا التعميم في وقت الأداء لا وقت الوجوب الذي هو في حد ذاته من الأسباب المقتضية لحسن الفعل فلعل الوقت الأصلي لصلاة الظهر الذي كان سببا لوجوبها
(٣٩)