يقتضيه فحوى اطلاق حكمهم في فتاويهم ومعاقد اجماعاتهم المحكية بعدم جواز العدول عما عداها بعد تجاوز النصف إلى سورة أخرى الشامل باطلاقه العدول إلى الجمعة والمنافقين أم لا يعتبر فيهما ذلك بل يجوز العدول عنهما إلى السورتين مطلقا كما هو صريح آخرين وجهان أوجههما الثاني لاطلاقات أدلته السليمة عما يصلح لتقييدها والفحوى غير قطعية فلا اعتداد بها في الاحكام التعبدية مع ما في أصلها من النظر إذ لم يعلم إرادة المجمعين من اطلاق كلماتهم عموم المنع حتى بالنسبة إلى الجمعة والمنافقين في يوم الجمعة ودعوى ظهور كلماتهم في ذلك بمقتضى الاطلاق وهو حجة بعد الغض عن امكان دعوى انصرافها عن مثل الفرض لدى الالتفات إلى ما فيه من الخصوصية غير مجدية إذ المدار في حجية الاجماع على استكشاف رأي المعصوم من آراء المجمعين وهو موقوف على العلم برأيهم لا التعبد بظواهر ألفاظهم نعم لو قلنا بحجية الاجماع المنقول وكونه كمتون الاخبار اتجه التمسك باطلاقه ولكن المبني فاسد فالأشبه جواز العدول من سائر السور أيضا إلى الجمعة والمنافقين مطلقا ما دام بقاء محله اي قبل الفراغ من السورة التي ابتدء بها ولكنه لا يخلو عن تردد خصوصا بعد الالتفات إلى وقوع التصريح بالمنع عنه في الرضوي ثم إن المراد بجواز العدول اليهما من الجحد والتوحيد وكذا من غيرهما أيضا بعد تجاوز النصف ان جوزناه انما هو العدول اليهما على حسب معهوديتهما في الشريعة بان اتى بأوليهما في الركعة الأولى وبالثانية في الثانية لأن هذا هو الذي ينسبق إلى الذهن من اطلاق النصوص والفتاوي وهل يختص الحكم بالجمعة أم يعم الظهر من يومها أو مع العصر أيضا أم مطلق صلاة يوم الجمعة حتى الصبح وجوه بل ما عدى الأخير منها أقوال واما الأخير فهو احتمال ابداه في الجواهر معترفا بعدم وجدان قائل به اما الأول فقد قواه في الحدائق لزعمه ان الجمعة هو مورد أغلب النصوص الواردة في جواز العدول وما في بعضها من الاطلاق كقوله عليه السلام في صحيحة الحلبي الا ان يكون في يوم الجمعة فإنك ترجع إلى الجمعة والمنافقين يجب حمله على صلاة الجمعة كما صرحت به بقية اخبار المسألة حملا للمطلق على المقيد ثم قال ويعضد ذلك الروايات الدالة على تحريم العدول عن هاتين السورتين اي التوحيد والجحد مطلاقا فيجب الاقتصار في التخصيص على القدر المتيقن من مورد النص وهو صلاة الجمعة خاصة انتهى وفيه انه لا داعي لهذا التقييد إذ لا تنافي بين المطلق والمقيد اللهم الا ان يقال إن الامر دائر بين تقييد المطلق أو تخصيص العام زائدا على القدر التي وقع التصريح به في سائر الأخبار اي الجمعة ويدفعه ان اطلاق الخاص مقدم على اصالة العموم فلا دوران نعم لا يبعد دعوى انصرافها إلى الجمعة ولكن لا إلى خصوصها بل أعم منها ومن الظهر في مقابل صلاة الصبح والعصر بل لا يبعد ان يدعى ان الظهر هي القدر المتيقن من موردها إذ الظاهر أنه لم يكن الحلبي ولا غيره من أصحاب (الأئمة بل ولا) الأئمة عليهم السلام كانوا يؤمون الناس في صلاة الجمعة كي يحسن ان يوجه إليه الخطاب بقوله إذا افتتحت صلاتك بقل هو الله الحديث بل الظاهر أن هذا هو المراد بالجمعة الواردة في سائر اخبار الباب لما أشرنا إليه من عدم ابتلاء أصحاب الأئمة عليهم السلام بامامة الجمعة التي وظيفته قراءة السورتين نعم كان الغالب ابتلائهم بالايتمام فيها بالفاسق فكان عليهم حينئذ القراءة ولو مثل حديث النفس ولكن لم يكن صلاتهم حينئذ جمعة بل عليهم اتمامها ظهرا هذا مع أن الشايع في الاخبار وكلمات أصحابهم انما هو اطلاق الجمعة على صلاة الظهر من يومها أعم من كونه جمعة أو ظهرا على وجه يشكل دعوى انصرافها إلى خصوص الأول الا بالقرائن كما لا يخفى على من لاحظ الاخبار والاسئولة الواقعة فيها بل قد يظهر منها انه لا مغائرة بينهما ذاتا وانما هي باختلاف أحوال المصلي فان صلاها جماعة مع اجتماع شرائطها من الحضور والجماعة وسبق الخطبتين وغير ذلك مما ذكر في محله يصليها ركعتين والا فأربعا ومن هنا يظهر انه لا يصح الاستشهاد للقول المزبور بما في خبر الدعائم منت تخصيصه بالجمعة لقوة احتمال ان يكون المراد بالجمعة المعنى الأعم الشامل للظهر فلا يصلح قرينة لصرف الصحيحة المتقدمة عن ظاهرها بالنسبة إلى صلاة الظهر مع ما فيه من ضعف السند فالأقوى جواز العدول عنهما إلى الجمعة والمنافقين في الظهر أيضا كما هو المشهور لاطلاق الصحيحة مع امكان دعوى استفادته من سائر الأخبار أيضا بالتقريب المزبور واما في العصر كما حكى القول به عن جامع المقاصد وغيره فلا يخلو عن تأمل لما أشرنا إليه من امكان دعوى انصراف الصحيحة عما كما هو الشان بالنسبة إلى صلاة الصبح أيضا فيشكل تحكيم اطلاقها بالنسبة إلى هاتين الصلاتين اللتين يمكن دعوى انصرافه عنهما خصوصا بالنسبة إلى الصبح على عموم الروايات الدالة على تحريم العدول عن السورتين فليتأمل وحكى عن الجعفي انه جعل محل العدول وعلى استحباب السورتين إلى عن السورتين الجمعة وصبح يومها وعشاء ليلتها فكأنه جعل المدار في جواز العدول على استحباب السورتين وهو يرى استحبابهما في هذه الصلوات على ما نقل عنه وكيف كان فهو ضعيف إذ ليس المدار على محض استحبابهما بالخصوص والا لجاز العدول إلى سائر السور التي ثبت استحبابها بالخصوص في صلوات سائر الأيام وهو كما ترى ثم إن ظاهر النصوص والفتاوي الناهية عن العدول عن سورة الجحد والتوحيد فيما عدى ما استثنى الحرمة ووجوب المضي فيهما بمجرد الشروع فما عن المصنف رحمه الله في المعتبر من القول بكراهته ضعيف وهل يحرم العدول عن الجمعة والمنافقين إلى غيرهما في الصلاة التي يجوز العدول فيها اليهما عن التوحيد والجحد فيه تردد من كونهما أولى بهذا الحكم من السورتين اللتين جاز العدول عنهما اليهما ووقوع التصريح بالمنع عن العدول عنهما في خبر الدعائم ومن عدم كون الأولوية قطعية والخبر جامعا لشرائط الحجية والله العالم ثم إن حكى عن المحقق الثاني وبعض من تأخر عنه القول باختصاص جواز العدول عن الجحد والتوحيد بالناسي فكأنه أراد بالناسي من كان مريدا لقرائة الجمعة والمنافقين فينسهما واخذ في التوحيد أو الجحد و يحتمل ان يكون مراده مطلق غير الملتفت في مقابل العامد ومستنده الاقتصار في رفع اليد عن عموم الأخبار الناهية عن العدول من السورتين على مورد النصوص المخصصة له وهو الناسي وفيه ان النواهي قد خصصت بهذا الفرد اي العدول عنهما إلى الجمعة والمنافقين في صلاة يوم الجمعة وكونه ملتفتا حال الشروع فيهما أو غير ملتفت ككونه مسبوقا بإرادة قراءة الجمعة والمنافقين كما هو مورد أغلب النصوص وعدمه من أحوال الفرد فلا يعمه حكم العام بعد ورود التخصيص عليه
(٣٢٤)