إلى الاجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة ومواظبة الشيعة عليه تبعا لأئمتهم من صدر الشريعة كما يظهر ذلك بتصفح اثارهم خبر يحيى بن عمران الهمداني قال كتبت إلى أبي جعفر عليه السلام جعلت فداك ما تقول في رجل ابتدء ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاته وحده في أم الكتاب فلما صار إلى غير أم الكتاب من السورة تركها فقال العياشي ليس بذلك باس فكتب بخطه يعيدها مرتين على رغم انفه يعني العياشي واستدل له أيضا بصحيحة منصور بن حازم قال قال أبو عبد الله عليه السلام لا تقرء في المكتوبة بأقل من سورة ولا بأكثر منها ونوقش فيه بان النهي عن الأكثر على سبيل الكراهة كما ستعرف فكذلك الأقل والا للزم استعمال النهي في المعنيين وفيه ما عرفته عند توجيه موثقة ابن بكير المتقدمة في مبحث لباس المصلي من أن رفع اليد عن ظاهر الامر أو النهي بالحمل على الاستحباب أو الكراهة بالنسبة إلى بعض مصاديقه بقرينة منفصلة لا يوجب صرفهما على ظاهرهما فيما عداه ولا يلزم من ذلك استعمال اللفظ في معنيين نعم قد يتأمل في دلالتها على المدعى نظرا إلى أن محط النظر في الرواية هو المنع عن التبعيض والقران وهو لا ينافي الرخصة في تركها رأسا ولكن سوق التعبير يشعر بالمفروغية عن أصل القراءة فليتأمل وحسنة عبد الله بن سنان بابن هاشم عن أبي عبد الله عليه السلام للمريض ان يقرء فاتحة الكتاب وحدها ويجوز للصحيح في قضاء صلاة التطوع بالليل والنهار ومفهوم صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا بأس بان يقرء الرجل بفاتحة الكتاب في الركعتين الأوليين إذا ما أعجلت به حاجة أو تخوف شيئا وربما يستدل بهذه الصحيحة ونظائرها للاستحباب إذ المراد بها بحسب الظاهر الحاجة العرفية فالرخصة بالترك لدى الاستعجال تنافي الوجوب ولا أقل من كونها من امارات الاستحباب وفيه منع التنافي كما سنوضحه نعم هي موهنة بظهورها في إرادة الحرمة ولكن لا على وجه يسقطه عن الاعتبار خصوصا مع اعتضاده بغيره من الشواهد والمؤيدات وصحيحة معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في فاتحة الكتاب قال نعم قلت فإذا قرأت الفاتحة اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم مع السورة قال نعم فان السؤال في المقام انما هو عن وجوب قراءة البسملة والا فجوازها بل استحبابها غير قابل للسؤال هكذا قيل في توجيه الاستدلال وفيه ان من الجائز وقوع السؤال بلحاظ وجوبها الشرطي اي جزئيتها من السورة لا الشرعي نعم في الخبر اشعار بمغروسية اعتبار السورة في الصلاة كالفاتحة فهو لا يخلو عن تأييد ونحوه وقوله عليه السلام في رواية الفضل بن شاذان المتقدمة في صدر المبحث عن الرضا عليه السلام وانما امر الناس بالقراءة في الصلاة لئلا يكون القران مهجورا مضيعا وليكن محفوظا مدروسا ولا يضمحل ولا يجهل وانما بدء بالحمد في كل قراءة الخ فإنه يدل على وجوب قراءة الأزيد من الحمد في الجملة واستدل أيضا بصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام الواردة في المأموم المسبوق قرء في كل ركعة فما أدرك خلف الإمام في نفسه بأم الكتاب وسورة فإن لم يدرك سورة تامة أجزأته أم الكتاب الحديث وفي صحيحة معاوية بن عمار من غلط في سورة فليقرء قل هو الله أحد ثم ليركع وصحيح العلا عن محمد عن أحدهما قال سئلته عن الرجل يقرؤ السورتين في الركعة فقال لا لكل ركعة سورة والفقه الروضي يقر سورة بعد الحمد في الركعتين الأوليين ولا يقرء في المكتوبة سورة ناقصة وخبر محمد بن إسماعيل قال سئلته قلت أكون في طريق مكة فتنزل للصلاة في مواضع فيها الاعراب أيصلي المكتوبة على الأرض فيقرء أم الكتاب وحدها أم يصلي على الراحلة فيقرء فاتحة الكتاب والسورة قال إذا خفت فصل على الراحلة المكتوبة وغيرها وإذا قرأت الحمد وسورة أحب إلي ولا أرى بالذي فعلت باسا في الوسائل بعد نقل الخبر قال في تقريب الاستدلال به للمدعى حاكيا عن بعض المحققين ما لفظه لولا وجوب السورة لما جاز لأجله ترك الواجب من القيام وغيره ونوقش فيه بان امر الإمام عليه السلام بالصلاة على الراحلة من جهة ثبوت أصل الخوف هناك المستفاد من قوله فتنزل للصلاة في مواضع فيها الاعراب لا لرعاية السورة ضرورة ان الاتيان بالسورة في مثل الفرض ليس موجبا لأصل الخوف بل لزيادته فالإمام عليه السلام بين له جواز الصلاة على الراحلة فموارد الخوف وقال إذا خفت فصل على الراحلة المكتوبة وغيرها فقوله عليه السلام وإذا قرأت الحمد والسورة أحب إلي على عكس المطلوب أدل حيث إن ظاهره ارادته وقت ما يصلي على راحلته وربما يستدل له بتقريب اخر وهو انه يظهر من كلام السائل انه كان يرى وجوب السورة وقد قرره الإمام على ذلك فلو لم يكن السورة واجبة لردعه عن ذلك ونحوه في الدلالة عليه من هذه الجهة بعض الأخبار الآتية واستدل له أيضا غير واحد بان قراءة السورة هي المعروفة من فعل النبي والأئمة عليهم السلام فيجب التأسي بهم والتلقي منهم فان العبادات توفيقية يجب الاقتصار فيها على الكيفية الصادرة من صاحب الشرع قال في محكى المنتهى وقد تواتر النقل عنه صلى الله عليه وآله انه صلى بالسورة بعد الحمد وداوم عليها وذلك يدل على الوجوب أقول وقد يناقش في هذا الدليل بابتناءه على وجوب التأسي وهو ممنوع بل التأسي فيما لم يعلم وجهه مستحب ويمكن دفعه بان هذا ليس من باب التأسي بل من باب تشخيص المهية التي اخترعها الشارع وسماها صلاة بفعله الماتى به بقصد ايجاد تلك المهية فان حال من شاهد صلاة النبي صلى الله عليه وآله أو اطلع تفصيلا بكمها وكيفها ليس الا كحال من رأي طبيبا اخترع معجونا انه صنع ذلك المعجون وركبه من عدة اجزاء علم بها تفصيلا فلو امره سيده بايجاد ذلك المعجون يجب ايجاده على حسب ما رآه من ذلك الطبيب فان لعله الماتى به يقصد تركيب ذلك المعجون بنظر العرف والعقلاء طريق إلى معرفة اجزائه وليس له الاخلال بشئ مما رأى أن ذلك الطبيب جعله جزء منه وان احتمل عدم لزومه فلا يقبل الاعتذار بالجهل بلزومه بخلاف ما لو لم يعلم أنه جعل هذا الشئ حال التركيب اجزائه فإنه لا يجب الالتزام به وان علم بأنه غير مضر بل محسن له الامر باب حسن الاحتياط نعم لو علم من حال ذلك الطبيب ان غرضه عند ايجاد ذلك المعجون لم يتعلق بصرف حصول مسماه بل بالفرد المشتمل على خصوصيات زائدة كالصلاة الصادرة من الصادق عليه السلام لتعليم حماد لا ينعقد حينئذ لفعله ظهور في كون المشكوك فيه معتبرا في مسمى ذلك الشئ فيرجع بالنسبة إليه إلى ما يقتضيه الأصول العملية من البراءة والاشتغال وملخص الكلام انه لا يبعد ان يقال
(٢٨٦)