ينهض اجماعهم حجة لمن يرى استحالته وكيف كان فالأقوى هو الجواز لما عرفت وربما يؤيده بل يشهد له في خصوص الجص صحيحة الحسن بن محبوب قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الجص يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى ثم يجصص به المسجد أيسجد عليه فكتب إلي بخطه ان الماء والنار قد طهراه فان ظاهرها كون جواز السجود عليه على تقدير طهارته مفروغا عنه لديهم فتدل على جواز السجود عليه من وجهين أحدهما من حيث التقرير حيث إن السائل زعم أنه ليس فيه جهة منع الا جهة النجاسة فأقره الإمام عليه السلام على ذلك والثاني الاقتصار في الجواب عن سؤاله عن جواز السجود عليه بان الماء والنار قد طهراه وقد تقدم في مبحث التطهير بالماء القليل شرح قوله عليه السلام ان الماء والنار قد طهراه فراجع وما في خبر عمرو بن سعيد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام من منع السجود على الساروج قال لا يسجد على القفر ولا على القير ولا على الساروج لا ينافي جوازه على النورة إذ الساروج ليس نورة محضة بل ربما يكون معظم اجزائه الرماد الذي لا يصح السجود عليه فإنه ليس بأرض كما وقع التصريح بذلك ويجوز التيمم على الجص والنورة المستلزم لجواز السجود عليهما أيضا في خبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام انه سئل عن التيمم بالجص فقال نعم فقيل بالنورة فقال نعم فقيل بالرماد فقال لا انه ليس يخرج من الأرض انما يخرج من الشجر والمروي عن الراوندي بسنده عن علي عليه السلام قال يجوز التيمم بالجص والنورة ولا يجوز بالرماد لأنه لم يخرج من الأرض فقيل له التيمم بالصفا العالية على وجه الأرض قال نعم واما الزجاج فلا ينبغي التأمل في انقلابه عما كان عرفا فلا يجوز السجود عليه سواء كان في الأصل من اجزاء الأرض محضة من حجارة أو حصى ونحوه أو ممتزجة مع غيرها مما ليس بأرض من ملح ونحوه ويشهد له أيضا مضافا إلى عدم صدق اسم الأرض عليه صحيحة محمد بن الحسين قال بعض أصحابنا كتب إلى أبي الحسن الماضي عليه السلام يسأله عن الصلاة على الزجاج قال فلما نفذ كتابي إليه تفكرت وقلت هو مما أنبتت الأرض وما كان بي ان اسأل عنه قال فكتب إلي لا تصل على الزجاج وان حدثتك نفسك انه مما أنبتت الأرض ولكنه من الملح والرمل وهما ممسوخان أقول ولعل المراد بقوله عليه السلام انهما ممسوخان حال صيرورتهما زجاجا اي غير باقين على حقيقتهما لا انهما من حيث هما ممسوخان كما يوهمه ظاهر العبارة وربما التزم بعض بكراهة السجود على الرمل اخذ بهذا الظاهر وهذا وان كان مقتضاه الحرمة خصوصا بعد وقوعه تعليلا للنهي عن السجود على الزجاج ولكنه لا بد من حمله على الكراهة بعد العلم بدخوله في مسمى الأرض وشهادة النص والاجماع على جواز السجود عليه بالخصوص مضافا إلى العمومات الدالة عليه ولا ينافيه ابقاء النهي عن السجود على الزجاج على ظاهره من الحرمة بعد كونه مركبا منه ومن الجزء الآخر الذي لا يجوز السجود عليه بلا شبهة وهو الملح مع أن المقصود بهذا الكلام دفع ما توهمه السائل من كونه من الأرض لا ان سبب المنع عن السجود على الزجاج منحصر في ذلك فلا ينافيه كون استحالته في حد ذاته أيضا سببا للمنع فلا يصلح حينئذ أن تكون كراهة السجود على الرمل قرينة صارفة للنهي عن ظاهره من الحرمة فتأمل واما القير فهو كغيره من الملح والعقيق والذهب والفضة ونحوها مما لا شبهة في خروجه عن مسمى الأرض ولكنه ربما يظهر من بعض الأخبار جواز السجود عليه مثل ما عن الصدوق في الفقيه في الصحيح قال سأل معاوية بن عمار أبا عبد الله عليه السلام عن السجود على القار قال لا بأس به وعنه في الصحيح عن منصور بن حازم أنه قال القير من نبات الأرض وعن كتاب المسائل لعلي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل هل يجزيه ان يسجد في السفينة على القير قال لا بأس وخبر معاوية بن عمار عن المعلى بن خنيس انه سئل رجل أبا عبد الله عليه السلام وانا عنده عن السجود على القفر وعلى القير فقال لا بأس وعن معاوية بن عمار أيضا في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في السفينة إلى أن قال وتصل على القير والقفر وتسجد عليه ولكن هذه الأخبار معارضة لصحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام اسجد على الزفت يعني القير فقال لا ولا على الثوب الكرسف ولا على الصوف ولا على شئ من الحيوان ولا على طعام ولا على شئ من ثمار الأرض ولا على شئ من الرياش وقوله عليه السلام في خبر عمرو بن سعيد المتقدم لا تسجد على القير ولا القفر ولا الساروج وقد حكى عن الشيخ رحمه الله حمل اخبار الجواز على الضرورة أو التقية وهو جيد بعد اعراض المشهور عن ظاهرها ومعارضتها بالخبرين الأخيرين المعتضدين بالشهرة والعمومات الدالة على المنع عما ليس بأرض أو نباتها وما في صحيحة منصور من أنه من نبات الأرض فهو لا يدل على جواز السجود عليه بعد انصراف اطلاق الأخبار الدالة على جواز السجود على ما أنبتت الأرض عنه فما عن الوافي من أنه يجوز حمل النهي على الكراهة وفي المدارك لو قيل بالجواز وحمل النهي على الكراهة أمكن ان لم ينعقد الاجماع على خلافه ضعيف ثم إن المتبادر مما يؤكل الذي وقع النهي عن السجود عليه في النصوص والفتاوي ما كان في العرف والعادة كذلك كالخبز والفواكه ونحوه لا ما قد يتفق اكله من غير أن يكون معدا للاكل كبعض النباتات التي قد توكل في بعض أوقاتها نعم لو صار شئ مأكولا عاديا لشخص أو صنف من غير أن يصدق عليه في العرف اسم المأكول أمكن ان يقال بالمنع عنه في خصوص من صار مأكولا له إذ لا يبعد ان يدعى ان المنساق إلى الذهن من النهي عن السجود على ما اكل أعم مما كان كذلك في العرف أو بالنظر إلى حال المصلي كما ربما يناسبه التعليل الوارد في صحيحة هشام المتقدمة بل قد يؤيده المرسل المروي عن كتاب تحف العقول قال قال الصادق عليه السلام كل شئ يكون غذاء الانسان في مطعمه أو مشربه أو ملبسه فلا تجوز الصلاة عليه ولا السجود الا ما كان من نبات الأرض من غير ثمر قبل ان يصير مغزولا فإذا صار مغزولا فلا تجوز الصلاة عليه الا في حال الضرورة فليتأمل ثم لا يخفى عليك المراد بالمأكول ليس خصوص ما كان صالحا بالفعل للاكل كالخبز ونحوه بل أعم منه ومما أعد للاكل من الحنطة والشعير والحمص وأشباهها مما ليس بالفعل مأكولا بحسب العادة بل لابد فيه من علاج فهو مأكول شأنا لا بالفعل ولكن المتبادر من اطلاقه في مثل هذه الموارد ما يعمه بل يعم السجود على الحنطة المكسية بقشرها الاعلى ونحوها مما ليس بمأكول فضلا عن القشر الملاصق لها فإنه يصدق عليه عرفا انه سجود على المأكول بل وكذلك لو سجد على اللوز والجوز مما لا يصلح للاكل الا لبه مع أنه لا يقع السجدة الا على قشرة فان القشر عند اشتماله على اللب لا يلاحظ عند العرف بحياله فيكون السجود عليه بنظر العرف سجدة على المأكول نعم لو انفصل القشر جاز السجود عليه على الظاهر فإنه من نبات الأرض و ليس بمأكول ودعوى ان المراد بالمأكول ما يعم اجزائه وتوابعه مما لا يؤكل حتى مع استقلالها غير مسموعة لا يقال قد ثبت المنع عنه في حال الاتصال فليستصحب مع الانفصال لأنا نقول انما منعنا عن السجود عليها حال اشتمالها على المأكول بدعوى عدم ملحوظيتها على سبيل الاستقلال وكون السجود عليها
(١٩٨)