أو قباء محشو ليس عليه ازار فقال إذا كان عليه قميص صفق أو قباء ليس بطويل الفرج فلا باس والثوب الواحد يتوشح به والسراويل كل ذلك لا باس به وقال إذا لبس السراويل فليجعل على عاتقه شيئا ولو حبلا وصحيحته الأخرى قال رأيت أبا جعفر عليه السلام صلى في ازار واحد ليس بواسع قد عقده على عنقه فقلت له ما ترى في الرجل يصلي في قميص واحد فقال إذا كان كثيفا فلا بأس به والمرأة تصلي في الدرع والمقنعة إذا كان الدرع كثيفا يعني إذا كان ستيرا قلت رحمك الأمة تغطي رأسها إذا صلت فقال ليس على الأمة قناع إلى غير ذلك من الأخبار الدالة عليه وما في بعضها من الامر بوضع شئ على عاتقه إذا لبس السراويل كصحيحة محمد بن مسلم المتقدمة وغيرها محمول على الاستحباب كما ستعرفه عند التكلم فيما يجب ستره إن شاء الله ويشترط في الثوب الذي يصلي فيه إذا كان واحدا ان يكون ساترا للعورة كما دلت عليه صحيحتا محمد بن مسلم المتقدمات وغيرهما مما دل على وجوب الستر في الصلاة واما إذا تعددت الثياب فلا يشترط ذلك في شئ منها بل يكفي حصول الستر بمجموعها وان كان كل واحد منها بانفراده غير ساتر بلا خلاف في ذلك على الظاهر وان كان قد يوهمه ما حكى عن عليه السلام من أنه قال لا تجوز الصلاة في قميص شف لرقته حتى يكون تحته غيره كالمئزر والسراويل وقميص سواه غير شفاف ولكن الغالب على الظن انه لم يقصد الاشتراط بحيث لا يجوز على تقدير حصول الستر بهما معا والا فضعيف محجوج بأنه لا يساعد عليه شئ من الأدلة وهل يكفي في حصول الستر المعتبر في الصلاة كونه مانعا عن الاطلاع على لون البشرة وما هي عليه من بياض أو سواد أو حمرة ونحوها أم لا يكفي ذلك بل يعتبر استتار حجمها أيضا قولان حكى أولهما عن الفاضلين وأكثر المتأخرين للأصل وحصول الستر عرفا واستدل له أيضا بقول أبي جعفر عليه السلام في خبر عبيد الله الواقفي كلا ان النورة ستره جوابا لمن قال حين طلي النورة رأيت الذي تكره و نوقش اما في الأصل فبأنه انما يجري إذا كان الصلاة اسما لمطلق الأركان لا خصوص الصحيحة منها كما قال به بعض الفقهاء إذا على هذا القول يشكل جريان الأصل وثبوت كونها اسما لمجرد الأركان ربما لا يخلو عن الاشكال واما في دعوى (حصول) الستر فبان الحاصل هو ستر اللون دون ستر الحجم حيث إن حس البصر يقع على نفس البشرة من خلال الثوب والا لامتنع رؤية حجمها فهي ليست مستورة على الاطلاق والذي يجب نصا وفتوى انما هو الستر مطلقا لا الستر في الجملة وعند ظهور الحجم لا يقال في العرف ان ستر عورته بعنوان الاطلاق واما في خبر النورة فبأنه خارج عن محل الكلام إذ حكاية الحجم هي ان يرى الحجم بنفسه خلف ثوب رقيق أو مثل الثوب الرقيق لا ان يرى النورة المطلية على الحجم وشكل مجموع النورة والحجم ولذا تكون المرأة اللابسة للثوب مستورة قطعا أقول اما المناقشة في الأصل بعدم جريانه الا على القول بكون الصلاة اسما للأعم فقد تقرر في محله ضعفها ان أريد به اصالة البراءة في لتكليف وان أريد به اصالة الاطلاق (فهي في محلها) ولكن المقصود في المقام هو الأول واما منع حصول الستر بأنه لا يقال في العرف انه ستر عورته بعنوان الاطلاق ففيه انه على اطلاقه مجازفة فان من لبس قميصا كثيفا ووقف في الشمس أو في الأمكنة المضية ربما يبدو للناظرين حجم عورته في الجملة ولا يعد ذلك من المنكرات مع أن من الواضحات لدى كل أحد وجوب حفظ الفرج وغض البصر فلو كان ذلك منافيا لتحقق الستر في انظار العرف لعد لديهم من المنكرات مع أنه ليس كذلك بلا شبهة وهذا بخلاف ما لو كان الثوب رقيقا بحيث لا يكون حاجبا عما ورائه من حيث اللون والشكل فيقال عرفا حينئذ ان عورته ظاهرة وهي مرئية من وراء الثوب وليست بمستورة واما مع كثافة الثوب المانعة عن تمييز لون البشرة فلا يقال بمثل هذا القول بل يقال يرى حجمها أو شكلها أو نحو ذلك فلا ينسب حينئذ الظهور أو الروية الا إلى أوصافها لا إلى نفسها أو بشرتها وكيف كان فالمدار على الصدق العرفي لا على التدقيقات الحكمية وقد يقال في تقريب الاستدلال لكفاية استتار اللون بعد تسليم عدم حصول الستر المطلق عند في استتار الحجم بان ستر اللون مجمع عليه بخلاف ستر الحجم و الأصل عدم زيادة التكليف وبرائة الذمة وفيه ان الاجماع منعقد على وجوب ستر العورة على الاطلاق وانما الخلاف في أن الستر المطلق هل يحصل عرفا باستتار اللون أم لا فالنزاع في تشخيص الموضوع في أصل الحكم كي يتجه ما قيل من الاقتصار على القدر المتيقن الذي انعقد عليه الاجماع هذا مع عدم انحصار مستند الحكم في الاجماع لامكان استفادة وجوب الستر من جملة من الاخبار وان لم تكن مسوقة لبيان هذا الحكم من حيث هو مثل ما ورد في العاري الذي لم يجد ثوبا من الامر بستر عورته بما يجده من حشيش ونحوه وغير ذلك مما يقف عليه المتتبع ولكن لقائل ان يقول إنه لا يكاد يستفاد من مثل هذه الأخبار أزيد من وجوب الستر في الجملة وهو مما لا كلام فيه واما الستر مطلقا اي لونا وحجما فلا يفهم اعتباره من مثل هذه الأدلة بل لو كان لنا دليل مطلق مسوق لبيان هذا الحكم لامكن الخدشة في دلالته على وجوب ستر الحجم بان المتبادر عرفا من الامر بستر شئ ليس الا إرادة ستر ذلك الشئ على وجه لا يدرك بحس البصر مع قطع النظر عن القرائن الخارجية المشخصة له انه ذلك الشئ بان يختفي ذلك الشئ عن أعين الناظرين بحيث لا يميزونه بعنوانه المخصوص به لا اخفائه رأسا على وجه ينافيه رؤية شكله من وراء الستر من غير أن يتميز بها حقيقة الموقوف معرفتها على ادراك أوصافه الخاصة لا عوارضه العامة والحاصل ان المتبادر من الامر بستر شئ ستره بعنوانه المخصوص به فمجرد رؤية المرأة من بعيد من خلف الستر من غير أن يتميز بواسطة الروية من حيث هي كونها جمادا أو انسانا مثلا لولا القرائن الخارجية المعنية لها من الحركة والتكلم والهيئة ونحوها ليست منافية لاطلاق اية غض البصر وحفظ الفرج فتلخص مما ذكر ان رؤية حجم الشئ من وراء الستر على وجه لا يتميز بها ذلك الشئ عما يشابهه في الحجم بحيث يعرف مثلا ان المرئي لحم أو عظم أو خشبة مثلا ليست منافية لما ينسبق إلى الذهن من الامر بستر ذلك الشئ فمن هنا يظهر ان ما تقدم انفا في الرد على من استدل على عدم وجوب ستر الحجم بأنه خارج عن معقد الاجماع من أن الخلاف انما هو في تشخيص الموضوع لا في أصل الحكم لا يخلو عن نظر فان القائل بكفاية ستر اللون لا يقول الا بوجوب ستر العورة من حيث هي لا من حيث كونها جسما ذا هيئة خاصة ووضع كذائي فمراده بقوله ان الستر حاصل حصوله بهذا المعنى والا فمن الواضح عدم حصوله بعناوينه العامة فالنزاع لدى التحقيق يؤل إلى الحكم الشرعي وان كان في بادي الرأي في تشخيص الموضوع فعلى هذا يتجه الاستدلال المزبور والله العالم ومما يؤيد القول المزبور بل يستدل به الأخبار الدالة على جواز الصلاة في قميص واحد إذا كان كثيفا فان الكثافة قد لا تقيد ستر الحجم كما تقدمت الإشارة إليه حجة القائلين
(١٤٩)