مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٣٥١
وسقوط الواجب بفعلهم ينافي العلم بان المقصود الشارع وجود الفعل لا عن مباشر معين كما ادعاه المستدل ضرورة استقلال العقل بوجوب ايجاد ما أدرك محبوبية حصوله في الخارج شرعا أو عدم رضا الشارع بعدمه من دون ان يكون لآحاد المكلفين بخصوصياتها الشخصية مدخلية في حسنه ومطلوبيته الا ترى استقلال العقل بوجوب حفظ النبي أو الوصي أو غيره مما علم مطلوبية حصوله في الخارج من حيث هو على كل مكلف ولا ينافيه سقوط التكليف بحصول المقصود بفعل غير المكلف بل هذا هو الشان في ساير الواجبات عينية كانت أم كفائية لاستحالة بقاء الطلب بعد حصول متعلقه في الخارج كما عرفت تحقيقه في مبحث النية في الوضوء ولا يمنع هذا استقلال العقل بوجوب مثل الفرض كفاية على كل أحد * (لا يقال) * انا نرى بالوجدان انه ربما يريد المولى شيئا ولا يتعلق غرضه الا بحصوله في الخارج من حيث هو ومع ذلك لا يكلف بايجاده الا بعض عبيده اما لكونه أحد الافراد والخصوصية فيه مقتضية الطلب الفعل منه دون غيره كانحطاط الرتبة ونحوه من الخصوصيات الموجبة لتوجيه الطلب إليه بالخصوص * (لأنا نقول) * اما الفرض الأول فلا يخرجه من كونه واجبا كفائيا بل يجب على ساير العبيد أيضا ايجاده كفاية إذا علموا قصد المولى وان توجيه طلبه إلى بعض لكونه أحد الافراد لا لخصوصية فيه فلو عصى هذا البعض أو تركه نسيانا مثلا ليس لغيره تركه معتذرا بعدم توجه الخطاب بعد علمه بالواقع إذ لا يدور حسن العقاب مدار توجيه الخطاب اللفظي كما تقرر في محله واما الفرض الثاني فهو خلاف ما فرضه المستدل من انا نعلم أن مقصود الشارع وجود الفعل لا عن مباشر معين فان محبوبية الفعل بضميمة الخصوصية المفروضة اقتضت تعلق غرضه بايجاد البعض بالخصوص فالانصاف انه لاوجه للخدشة في الاستدلال من هذه الجهة نعم على المستدل في مقام الاستدلال والزام الخصم إقامة البنية على ما ادعاه من العلم وكفى له دليلا ما استدل به شيخنا [قده] للوجوب الكفائي من ظهور جملة من الأخبار الواردة في جملة من أحكام الميت في ذلك فان دلالتها على الوجوب الكفائي ليس الا من حيث ظهورها في وجوب الفعل وعدم تعينه على شخص خاص فان مقتضاه وجوب خروج جميع المكلفين من عهدته ما لم يوجد في الخارج فإذا وجد بفعل بعض المكلفين بل ولو بفعل غير المكلف ارتفع التكليف عن الكل وهذا هو معنى الواجب الكفائي مطلقا فيفهم من هذه الأخبار ولو بضميمة فتوى الأصحاب واجماعهم كون ساير أحكام الميت من هذا القبيل بل لا مجال للتشكيك في ذلك بعد التتبع في الاخبار بل من نظر إليها بعين التدبر لرأى جل ما ورد في هذا الباب من الآداب واجباتها ومسنوناتها ليس المقصود بالامر فيها الا حصول متعلقاتها وعدم حرمان الميت عن فائدتها من أي شخص يكون بل لا يفهم من الأوامر الواردة في هذا الباب الموجهة إلى شخص خاص ولو ولى الميت الا إرادة ذلك الا ترى هل يتوهم متوهم من قول النبي صلى الله عليه وآله في الرواية المتقدمة في آداب المحتضر وجهوه إلى القبلة فإنكم إذا فعلتم ذلك أقبلت عليه الملائكة الحديث الا إرادة هذا المعنى وعدم توقفا لفائدة المعلل بها على صدور الفعل منهم بالخصوص لخصوصيتهم من كونهم أقارب أو اهلا للميت المقتضى لاختصاص التكليف بهم وعدم محبوبية صدور الفعل من غيرهم وكيف كان فوجوب غسل الميت وساير أحكامه التي تقدمت الإشارة إليها كفاية على عامة المكلفين مما لا ينبغي الارتياب فيه بل الظاهر كما هو المصرح به في كلام جمع الاجماع عليه وخلاف صاحب الحدائق كما ستعرفه [انش‍] مما لا يلتفت إليه بعدما عرفت ثم لا يخفى عليك ان هذا أعني وجوب شئ كفاية على عامة المكلفين لا ينافي أحقية بعضهم من بعض في ايجاد هذا الواجب بان يكون له الولاية عليه من قبل الشارع مثلا لو وجب كفاية حفظ الثغور وامامة الجماعة لصلاة الجمعة ولم يرد الشارع من الامر بهما الا حصولهما في الخارج فلا مانع عقلا ولا عرفا في أن يجعل الشارع لمن كان في الأزمنة السابقة مثلا مشغولا بشئ منهما أو كان ذلك شغلا لايائه أو غير ذلك من الخصوصيات المقتضية للأولوية حقا بالنسبة إليه بان يكون له ان يتقدم في ايجاد الفعل أو يقدم من أحب من دون ان يتعين عليه الفعل مباشرة أو تسبيبا ضرورة ان الزامه بالفعل يناقص كون اختياره وتقدمه لايجاد الفعل حقا له وهذا لا ينافي وجوبه الكفائي وانما يظهر اثره عند ترك الجميع للفعل فإنهم يستحقون العقاب بذلك فيجب على الجميع بحكم العقل تحصيل الوثوق بحصول الواجب في الخارج لكن لا يجوز لاحد المبادرة إلى فعله قبل ان يرفع صاحب الحق يده عن حقه والا فيكون عاصيا فيفسد عمله لو كان عبادة * (توضيح) * المقام انه إذا علم تعلق إرادة المولى إرادة حتمية بحصول امر مقدور لعبيده من دون أن تكون خصوصيات اشخاص العبيد ملحوظة فيما تعلقت به ارادته يستقل الفعل بوجوب ايجاده على الجميع وعدم معذوريتهم في تركه وجواز مؤاخذة الكل بذلك بعد اطلاعهم على مراده لكن لا يخفى ان تعلق الوجوب بالفعل في مثل الفرض ليس الا على نحو تعلقت به إرادة المولى فيصير الفعل واجبا على الجميع لا على كل واحد واحد بالخصوص ولذا نسميه واجبا كفائيا لا عينيا فيكون حال الاشخاص [ح] حال الأزمنة في الواجب الموسع فيجوز لكل واحد واحد لذاته الاتيان بالفعل والترك من دون ان يتعين عليه أحدهما لكن جواز الترك له ليس كجواز الفعل مطلقا بل هو مشروط بحصول الفعل من غيره إذ لولاه لم يجز له الترك لأن المفروض جواز مؤاخذة الكل عليه فيجب عليه عقلا اما ايجاد الفعل أو تحصيل الوثوق بحصوله من غيره إذ لولاه لاحتمل العقاب على الترك فلا يبيحه العقل هذا فيما إذا لم يكن الفعل مطلقا مزاحما لحق الغير واما لو كان ذلك كما لو توقف حصوله على التصرف في ملك الغير أو كان للغير مثلا حق
(٣٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 356 ... » »»