مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٣٤٦
صلى خلفه صفان من الملائكة فإنه لا يفهم منه الا ما يفهم من قوله من صلى باذان وإقامته يصلى خلفه صفان من الملائكة فكما يفهم الاستحباب من الثاني مع عدم اشتماله على الطلب كذلك يفهم من الأول فيكون الامر بالفعل نظير امر الطبيب للارشاد إلى ما هو الأصلح بحال المكلف واما إذا كانت الفائدة عائدة إلى غيره فلا يوهن ظهوره في كونه مولويا بل يؤكده كمالا يخفى وجهه و [ح] يشكل ترخيص العقل جواز المخالفة ما لم يستظهر من الدليل رضا المولى بترك المأمور به ودعوى استفادته من هذا الخطاب ممنوعة جدا نعم لا نتحاشى عن استشمام رائحة الاستحباب بل استشعاره من هذا النسخ من الاخبار المعللة بنزول الملائكة أو الرحمة أو وفور الاجر ونحوها لكن لا يكفي ذلك في ترخيص العقل ترك امتثال الامر الصادر من المولى لا على جهة الارشاد خصوصا في مثل المقام الذي يكون بيان الفائدة لطفا في امتثال المأمور به فان أحد الا يقدم على تفويت هذه الفائدة العظمى على الميت بهذا العمل اليسير في هذا المضيق خصوصا أهله وأقاربه فالانصاف ان القول بالوجوب بالنظر إلى ظاهر هذه الرواية مع أنه أحوط لا يخلو عن قوة واستدل له أيضا بمصححة سليمان بن خالد قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول إذا مات لأحدكم ميت فسبحوه تجاه القبلة وكذلك إذا غسل يحفر له فيكون مستقيلا بباطن قدميه و وجهه إلى القبلة * (وفيه) * ان ظاهره الامر بالتسجية تجاه القبلة بعد الموت فتكون مستحبة إذ لا قائل بوجوبه كما يؤيده عطف قوله (ع) وكذلك إذا غسل إلى آخره ودعوى ان المراد من قوله إذا مات إذا اشرف على الموت غير مسموعة إذ ليس ارتكاب هذا التجوز أولى من حمل الامر على الاستحباب خصوصا مع أن المأمور به هو التسجية تجاه القبلة ولا قائل بوجوبه على الظاهر وتوهم عدم منافاة استحباب التسجية وجوب الاستقبال * (مدفوع) * بأنه بعد ان علم أن الامر بالتسجية للاستحباب لم يبق لقوله (ع) تجاه القبلة ظهور في الوجوب مع كونه من متعلقات ذلك المأمور به المحمول على الاستحباب * (و) * استدل له أيضا بموثقة معاوية بن عمار قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن الميت فقال استقبل بباطن قدميه القبلة * (وفيه) * ان الاستدلال بها بعد الاغماض عن مثل المناقشة المتقدمة في الرواية السابقة انما يتم لو كان السؤال عن حكم الميت وهو غير معلوم لجواز ان يكون السؤال عن كيفية الاستقبال وعلى هذا التقدير لا ينعقد للجواب ظهور في الوجوب كمالا يخفى وجهه وبهذا ظهر لك امكان الخدشة في الروايات الواردة في كيفية الاستقبال مثل رواية إبراهيم الشقري وغير واحد عن الصادق (ع) قال في توجيه الميت يستقبل بوجهه القبلة ويجعل قدميه مما يلي القبلة * (و) * رواية زريح عن أبي عبد الله (ع) في حديث قال وإذا وجهت الميت للقبلة فاستقبل بوجهه القبلة لا تجعله معترضا كما يجعل الناس فاني رأيت أصحابنا يفعلون ذلك وقد كان أبو بصير يأمر بالاعتراض أخبرني بذلك علي بن أبي حمزة الحديث فان ورودها في مقام بيان كيفية الاستقبال يمنع ظهورها في إرادة الوجوب التعبدي كساير الأوامر المتعلقة بالاجزاء وشرائط العبادات نعم لا يتطرق في هذه الروايات الخدشة المتقدمة في رواية سليمان بن خالد من ظهورها في إرادة ما بعد الموت فان المتبادر من هذه الروايات إرادة الاستقبال المعهود المتعارف حين الاحتضار والله العالم ثم إن مفاد المرسلة المتقدمة انما هو وجوب استقبال المحتضر إلى أن يقبضن فإذا قبض سقط وجوبه فلا يجب استمراره مستقبلا ولا استقباله ابتداء ان لم يكن للأصل لكن الاحتياط بذلك ما لم ينقل من محله ممالا ينبغي تركه بل لا يخلو القول بوجوبه بعد كون ابقائه مستقبلا هو المعهود لدى المتشرعية المنصرف إليه الأخبار الواردة في كيفية الاستقبال عن من وجه كما يؤيده موثقة عمار في وجه وان كان الأوجه خلافه لكن لا ينبغي الارتياب في رجحانه كما يدل عليه رواية سليمان بن خالد المتقدمة فان المأمور به فيها وان كان هو التسجية تجاه القبلة لكنه من قبيل تعدد المطلوب لعدم تقيد رجحان كل من التسجية والاستقبال بالاخر ويؤيد ما رواه في الجواهر عن المفيد في ارشاده في وفاة النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لعلي (ع) عند استحضاره فإذا فاضت نفسي فتناولها بيدك فامسح بها وجهك ثم وجهني إلى القبلة وتول امرى إلى أن قال ثم قبض صلوات الله عليه ويد أمير المؤمنين (ع) اليمنى تحت حنكه ففاضت نفسه فيها فرفعها إلى وجهه فمسحه بها ثم وجهه وغمضه ومد عليه ازاره الحديث لكن هذه الرواية مقتضاها عدم وجوب الاستقبال عند حدوث الموت بل عدم استحبابه فتعارض المرسلة المتقدمة لكنها لا تصلح للحجية فضلا عن المكافئة عند المعارضة وان كان لا بأس بايرادها للتأييد أو لاثبات الحكم المستحبي كما هو ظاهر ولعل المراد من امره صلوات الله عليه وآله بتوجيهه إلى القبلة ان يراقبه ويحسن مواجهتها بحيث لو انحرف بعض أعضائه حال الموت عن القبلة بحيث لا ينافي الاستقبال الواجب لصرفه إليها بعده والله العالم ثم إنه لا فرق على الظاهر في وجوب الاستقبال بين الصغير والكبير والذكور والإناث لقاعدة الاشتراك المعتضدة باطلاق فتاوى الأصحاب نعم لا يبعد القول بعدم وجوبه بالنسبة إلى المخالف كما يقتضيه العلة المنصوصة في المرسلة والله العالم ولو تمكن المحتضر بنفسه من التوجه هل يجب عليه ذلك وجهان من كونه أحد المكلفين الذين يجب عليهم ايجاد هذا الواجب الكفائي في الخارج بل كونه أولى من غيره ومن انصراف الأدلة عنه والله العالم و يستحب للولي وغيره ممن حضره عند الموت تلقينه أي تفهيمه الشهادتين والاقرار بالنبي صلى الله عليه وآله والأئمة (ع) الاثني عشر والأولى بل الأفضل تسميتهم بأسمائهم واحدا بعد واحد وان كان الأظهر ان في تلقينه امامتهم وولايتهم اجمالا غنى وكفاية بل بتلقين الإمامة يستغنى عن الأولين
(٣٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 ... » »»