مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٣٥٨
عبايرهم صريحة في ثبوت الملازمة بين بقاء الثوب على نجاسته وتنجيس الميت بل هذا هو الذي يقتضيه القواعد فكما يفهم من الاخبار طهارة الميت بغسله يفهم طهارة ما يلاصقه من مكانه وثوبه ونحوهما ولا يقاس ثوب الميت بماء الغسالة حيث تعقلنا فيه نجاستها عند طهارة المحل لوضوح الفرق بينهما بل هو نظير الاناء الذي يغسل فيه شئ نجس فلو قيل في كيفية تطهيره صب عليه الماء مرتين فكما يفهم من ذلك طهارة ذلك الشئ بصب الماء عليه مرتين يفهم منه طهارة الاناء أيضا كما لا يخفى * (وقد) * ظهر لك بما قررناه ان المراد من الاستدلال باطلاق الاخبار في هذا المقام ليس الاطلاق المصطلح بل هو بمنزلته من حيث الحاجة إلى بيان زائد فلا يستلزم من الالتزام بوجوب تطهير الميت بعد غسله فضلا عن وجوب عصر ثيابه بعد الغسل أو في أثنائه تقييد لتلك الاطلاقات حتى ينفيه أصالة الاطلاق * (الثالث) * لا عبرة على الظاهر بانقضاء عدة الوفاة في جواز النظر واللمس والتغسيل ونحوها للأصل قال في محكى الذكرى ولا عبرة بانقضاء عدة المرأة عندنا بل لو نكحت جاز لها تغسيله وان كان الفرض بعيدا * (انتهى) * واستدل له باطلاق الاخبار ونوقش فيه بانصرافها عنه حيث إن الحاجة إلى تغسيلها بعد انقضاء عدتها من الفروض النادرة لا ينصرف إليه الاطلاقات بل لا يصدق عليها اسم الزوجة [ح] لانقطاع علاقة الزوجية بينهما بانقضاء العدة خصوصا بعد ان نكحت ويؤيده تعليل ترك النظر والغسل في صحيحتي الحلبي وزرارة المتقدمتين بانقضاء عدتها وفيه بعد العض عن أن اطلاق الزوجة عليها بعد انقضاء العدة ليس الا كاطلاقها قبله وان الانصراف ليس منشأه الا ندرة الوقوع والا فلو اتفق ابتلاء نسوة بميت مطروح في مفازة بلا غسل ولا كفن ولا دفن وكانت فيها زوجته لا يشك أحد ممن بهذه الروايات انه يتعين على زوجته تغسيله كما انها ترثه وتتولى امره ولا يلتفت الذهن أصلا إلى كون ذلك قبل انقضاء عدتها أم بعده انه يتوجه عليه ان المرجع في مثل المقام على تقدير الشك بل القطع بعدم ارادته من الأدلة انما هو استصحاب الأحكام الثابتة قبل انقضاء عدتها من جواز النظر واللمس والتغسيل ونحوها لا العمومات الناهية عن النظر واللمس وتغسيل غير المماثل لخروج الزوجة من تحت تلك العمومات بل لو لم نقل بجريان الاستصحاب اما لمنعه من أصله أو المناقشة في احراز موضوعه لكان المرجع أصالة الإباحة لا العمومات إذ ليس الفرد الخارج باعتبار كونه قبل العدة وبعدها فردين للمقام حتى يبقى للعام دلالة بالنسبة إلى حكم ما بعد العدة كمالا يخفى على المتأمل وحيثما جاز لها التغسيل يجب لعموم دليله نعم لو سلم صدق الأجنبية عليها وعدم انصرافها عنها لأمكن اثبات هذه الأحكام لها ولو بتنقيح المناط لكن الفرض غير محقق بل مقطوع العدم واما الاستشهاد بالصحيحتين ففيه ان مفادهما على ما يقتضيه العلة المنصوصة انما هو كون حكم المرأة عند انقضاء عدتها حكم الرجل عند موت زوجته فإنهما صريحتان في انتفاء الحكم المعلل له عند موت الزوجة بانتفاء علته وهى كونها معتدة فوجب ان يكون المعلول امرا آخر غير حرمه التغسيل مطلقا لما ثبت نصا واجماعا جوازه في الجملة ولو حال الضرورة من وراء الثوب فالمعلول في صحيحة زرارة اما حرمة التغسيل اختيارا أو مجردا عن الثياب لا مطلقا أو كراهته كما هو الأقوى على ما عرفت تفصيله فيما سبق أو ان الصحيحة مع ما فيها من التعليل جارية مجرى التقية حيث حكى القول بمضمونها عن أبي حنيفة واما صحيحة الحلبي فظاهرها كون المعلول حرمة النظر ووجوب كون الغسل من وراء الثوب لا حرمة الغسل من حيث هو كما عرفت وعلمت انه لابد من ارتكاب التأويل في هذا الظاهر وعلى تقدير ارادته أيضا لا يضر لما نحن بصدده من جواز التغسيل في الجملة والحاصل ان هذه العلة مما لا يمكننا تعقله بل علينا رد علمها إلى أهله لكن مع ذلك يستفاد منها اجمالا استفادة غير قابلة للتشكيك ان الحكم المثبت للزوجة بوجود العلة عين الحكم المنفى من طرف الزوج بفقدها فالصحيحتان تدلان بالصراحة على مشاركة الزوجة بعد انقضاء عدتها مع الزوج في الحكم المسبب عن فقد العلة المنصوصة فوجب ان لا يكون ذلك الحكم حرمة الغسل والا لكانت الرواية صادرة عن علة وكيف كان فلا يمكن اثبات الحرمة بهذا التعليل مع ما فيه من الاشكال ولذا جعله المستدل مؤيدا لمطلبه من دون ان يستند إليه والله العالم * (الرابع) * يلحق بالزوجة في جواز تغسيل كل منهما صاحبه الأمة ما لم تكن مزوجة أو معتدة أو مبعضة أو مكاتبة على الأظهر فلها تغسيله وله تغسيلها كما عن القواعد والبيان ومجمع البرهان بل عن ظاهر الأخير نفى الخلاف فيه بالنسبة للثاني أي تغسيله لها واما عكسه فقد منعه بعض كصاحبي المدارك والحدائق وعن جمع من الأصحاب منهم المصنف في المعتبر التفصيل بين أم الولد وغيرها فمنعوه في غيرها لزوال المحرمية بانتقال الملك واما أم الولد فيجوز لها لرواية إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه ان علي بن الحسين عليهما السلام أوصى ان تغسله أم ولد له فغسلته وخدش فيها صاحب المدارك بضعف السند وصاحب الحدائق بما في متنها من المخالفة لما روى في الأخبار المستفيضة من أن الصديق لا يغسله الا صديق ولذا اختار المنع مطلقا نظرا إلى صيرورة أم الولد أيضا أجنبية بالانعتاق * (أقول) * ليس الانتقال إلى الغير سببا لحرمة النظر وزوال المحرمية كما عللها به في المدارك بل السبب انما هو الخروج من الملك وصيرورتها أجنبية ولذا قيل بتحققه في أم الولد أيضا وعلى هذا فلا وجه لما جزم به في صورة العكس حيث قال ويجوز تغسيل السيد لامته قطعا
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 ... » »»