مصباح الفقيه (ط.ق) - آقا رضا الهمداني - ج ١ق٢ - الصفحة ٣٥٧
تضيقن فإنها صديقة لم يكن يغسلها الا صديق اما علمت أن مريم لم يغسلها الا عيسى (ع) وأنت خبير بان هذه الرواية لا يستشعر منها الكراهة شرعا فضلا عن دلالتها على المنع والله العالم وينبغي التنبيه على أمور * (الأول) * قال في محكى جامع المقاصد بعد ان اختار القول بجواز تغسيل كل من الزوجين الاخر من وراء الثياب كما صرح به جمع من الأصحاب ما صورته ولم أقف في كلام على تعيين ما يعتبر في التغسيل من الثياب والظاهر أن المراد ما يشمل جميع البدن وحمل الثياب على المعهود استثناء الوجه والكفين والقدمين فيجوز أن تكون مكشوفة انتهى * (أقول) * اما الأخبار الدالة عليه فمنها صحيحة الحلبي المتقدمة الدالة على أنه يغسلها من وراء الثوب ولا ينظر إلى شعرها والى شئ منها وظاهرها بقرينة النهى عن النظر إلى شئ منها إرادة ثوب يستر جميع بدنها اللهم الا ان يدعى انصرافها عن الوجه والكفين والقدمين وفيه تأمل نعم ما ذكره من حمل الثياب على المتعارف يتجه في صحيحة محمد بن مسلم ونحوها مما اطلق فيها لفظ الثياب وقال فيها بعد ان سئل عن أن الرجل يغسل امرأته نعم من وراء الثياب مع امكان ان يقال إن المتبادر من هذه الروايات أيضا ليس الا إرادة غسلها مستورة من دون ان ينظر الشئ منها وكيف كان ففي جملة من الاخبار اقتصر على ذكر القميص أو الدرع * (ففي) * صحيحة الحلبي الأولى يدخل زوجها يده تحت قميصها * (و) * في روايته المذكورة أخيرة قال يدخل زوجها يده تحت قميصها فيغسلها إلى المرافق * (وفي) * موثقة سماعة يدخل زوجها يده تحت قميصها إلى المرافق فيغسلها * (وفي) * صحيحة أبى الصباح وان كان زوجها معها غسلها من فوق الدرع إلى غير ذلك من الروايات فيحتمل ان يكون المراد بهذه الروايات أيضا غسلها من رواء ثيابها المتعارفة وتخصيص القميص أو الدرع بالذكر لاشتماله على معظم البدن ويحتمل ان يكون المراد خصوص القميص أو ما هو بمنزلته فلا ضير في كون الرأس كالوجه والكفين والقدمين مكشوفا كما يؤيده ما في رواية زيد الشحام وان كان له فيهن امرأة فليغسل في قميص من غير أن تنظر إلى عورته فان ظاهرها إرادة خصوص القميص كي لا تنظر إلى عورته ويؤيد ذلك ما رواه في عكس الفرض من قوله (ع) فليغسلها من غير أن ينظر إلى عورتها وكيف كان فالامر على ما اخترناه من الاستحباب سهل فان الأفضل ستر جميع البدن ودونه في الفضل التغسيل في القميص ونحوه وأدون منه ستر خصوص العورة بل لا يخلو وجوبه عن وجه كما عرفته فيما سبق * (واما) * على القول بالوجوب فالجمع بين الاخبار على وجه لا يستلزم طرح شئ منها في غاية الاشكال كمالا يخفى على المتأمل * (الثاني) * لا ريب في طهارة الميت بتغسيله من رواء الثوب وعدم سراية النجاسة الحاصلة في الثوب بمباشرة الميت إليه وهل يطهر الثوب بصب الماء عليه حال الغسل أم لا يطهر الا بعصره وجهان بل قولان قال في محكى الروض * (وهل) * يطهر الثوب بصب الماء عليه من غير عصر مقتضى المذهب عدمه وبه صرح المحقق في المعتبر في تغسيل الميت في قميصه من مماثله انتهى وعن الذكرى والروضة وجامع المقاصد وغيرها القول بطهارته بمجرد الصب من غير حاجة إلى العصر لاطلاق الاخبار قال في محكى الذكرى بعد الاستشهاد باطلاق الرواية وجاز ان يجرى مجرى مالا يمكن عصره أقول الذي يستفاد من الاخبار استفادة قطعية انما هو كفاية غسل الميت من وراء الثوب وعدم الحاجة إلى تطهيره بعده عن النجاسة العرضية المكتسبة من ملاقاة الثوب فيفهم من ذلك عدم تأثره من الملاقاة والا لما أجاز فعله اختيارا بل كان يأمر بتطهيره بعد الغسل في تلك الأخبار فخلو الاخبار عن ذلك يدل على طهارته بالغسل وحيث يفهم منها ذلك يستفاد منها بالدلالة الالتزامية التبعية طهارة ما هو من توابع العمل كيد الغاسل وأدوات الغسل والثوب المطروح عليه بواسطة الملازمة المغروسة في أذهان المتشرعة من كون النجس منجسا فلا يتعقلون طهارة أحد الملاصقين برطوبة مسرية وبقاء الاخر على نجاسة ولذا لم يحتمل صاحب الحدائق طهارة الميت وبقاء القميص على نجاسته حيث استدل على المطلوب بقوله فلان ظواهر الاخبار هو انه بعد التغسيل في قيمصه ينقل إلى الأكفان ولو توقف طهارة القميص على العصر كما يدعون للزم نجاسة الميت بعد تمام الغسل وقبل نزعها ووجب تطهيره زيادة على الغسل الموظف وظواهر النصوص المذكورة ترده وما ذلك الا من حيث ظهرها بمجرد الصب في الغسلة الثالثة انتهى بل لم يظهر من القائلين باعتبار العصر التزامهم ببقاء الثوب على نجاسته وعدم تنجيس الميت فإنهم على الظاهر اما يوجبون العصر خلال الغسل كما يشعر به عبارة الذكرى حيث أجاز ان يكون الثوب جاريا مجرى مالا يمكن عصره فإنه يستشعر منه ان القائلين باعتبار العصر يوجبونه في خلال الغسل أو يلتزمون بنجاسة الميت بعد غسله نجاسة عرضية لأجل الملاقاة كما يظهر من المحكى عن المعتبر في تغسيل المماثل من وراء الثوب قال فيما حكى عنه وان تجرد كان أفضل لأنه أمكن للتطهير ولان الثوب قد نجس بما يخرج من الميت فلا يطهر بصب الماء فينجس الميت والغاسل * (انتهى) * وكان هذه العبارة هي التي قصدها في الروض وفهم منها الموافقة لما اختاره من عدم طهارة الثوب بصب الماء عليه من غير عصر لكن قد يتأمل في دلالة هذه العبارة على مدعاه لظهورها في إرادة النجاسة الخارجية التي تخرج من الميت وهذا خارج من محل الكلام * (و) * يدفعه ان خروج النجاسة ليس ملازما لغسله من رواء الثوب كي يكون هذا مراده بالعبارة فمقصوده على الظاهر ليس الا إرادة غسالة الميت فكأنه عنى بهذا التعبير الإشارة إلى أن ما ينفصل عن الميت سبب لتنجيسه فلا يطهر بل يبقى على نجاسته فينجس الميت * (وكيف) * كان فهذه العبارة كغيرها من
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»