صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٩
على رؤوس الاشهاد من رجال الدولة ووجوه الشعب في المسجد الجامع بحمص، يسأله عن العشرة آلاف: أهي من ماله أم من مال الأمة؟ فان كانت من ماله فهو الاسراف، والله لا يحب المسرفين. وان كانت من مال الأمة فهي الخيانة، والله لا يحب الخائنين، ثم عزله فلم يوله بعد حتى مات.
ودعا أبا هريرة، فقال له: " علمت أني استعملتك على البحرين، وأنت بلا نعلين! ثم بلغني أنك ابتعت أفراسا بألف دينار وستمائة دينار! " قال: " كانت لنا أفراس تناتجت، وعطايا تلاحقت ". قال: " حسبت لك رزقك ومؤونتك وهذا فضل فأده ". قال: " ليس لك ذلك ". قال: " بلى وأوجع ظهرك ". ثم قام اليه بالدرة فضربه حتى أدماه. ثم قال: " إئت بها ". قال: " احتسبها عند الله ". قال: " ذلك لو أخذتها من حلال، وأديتها طائعا!. أجئت من أقصى حجر البحرين يجبي الناس لك لا لله ولا للمسلمين؟ ما رجعت بك أميمة - يعني أمه - الا لرعية الحمر ".
وفي حديث أبي هريرة: " لما عزلني عمر عن البحرين، قال لي: يا عدو الله وعدو كتابه، سرقت مال الله! فقلت: ما أنا عدو الله وعدو كتابه، ولكني عدو من عاداك، وما سرقت مال الله. قال: فمن أين اجتمعت لك عشرة آلاف؟ فقلت: خيل تناتجت، وعطايا تلاحقت، وسهام تتابعت. قال: فقبضها مني " الحديث.
وكم لعمر مع عماله من أمثال ما فعله بخالد وأبي هريرة يعرفها المتتبعون.
عزل كلا من أبي موسى الأشعري، وقدامة بن مظعون، والحارث بن وهب، أحد بني ليث بن بكر، بعد أن شاطرهم أموالهم (1).
هذه مراقبة عمر لعماله، لا هوادة عنده لاحد منهم، لكن معاوية كان أثيره وخلصه، على ما كان من التناقض في سيرتيهما. ما كف يده عن شئ ولا ناقشه الحساب في شئ، وربما قال له: " لا آمرك ولا أنهاك " يفوض له العمل برأيه.

(1) فيما رواه الزبير بن بكار في كتابه - الموفقيات - ونقله عنه ابن حجر في ترجمة الحارث بن وهب في القسم الأول من اصابته.
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 3 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»