صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ١٢
شباب أهل الجنة - سياستهم الحكيمة، في توجيهها الهادئ الرصين، كلما اعصوصب الشر. فهي إذا جزء من سياستهم الهاشمية الدائرة أبدا على نصرة الحق، لا على الانتصار للذات فيما تأخذ أو تدع.
تهيأ للحسن بهذا الصلح أن يغرس في طريق معاوية كمينا من نفسه يثور عليه من حيث لا يشعر فيرديه، وتسنى له به أن يلغم نصر الأموية ببارود الأموية نفسها. فيجعل نصرها جفاءا، وريحا هباءا.
لم يطل الوقت حتى انفجرت أولى القنابل المغروسة في شروط الصلح، انفجرت من نفس معاوية يوم نشوته بنصره، إذ انضم جيش العراق إلى لوائه في النخيلة. فقال - وقد قام خطيبا فيهم -: " يا أهل العراق، اني والله لم أقاتلكم لتصلوا ولا لتصوموا، ولا لتزكوا، ولا لتحجوا، وانما قاتلتكم لأتأمر عليكم، وقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون!. ألا وان كل شئ أعطيته للحسن بن علي جعلته تحت قدمي هاتين! ".
فلما تمت له البيعة خطب فذكر عليا فنال منه، ونال من الحسن، فقام الحسين ليرد عليه، فقال له الحسن: " على رسلك يا أخي ". ثم قام عليه السلام فقال: " أيها الذاكر عليا! أنا الحسن وأبي علي، وأنت معاوية وأبوك صخر، وأمي فاطمة وأمك هند، وجدي رسول الله وجدك عتبة، وجدتي خديجة وجدتك فتيلة، فلعن الله أخملنا ذكرا، وألأمنا حسبا، وشرنا قديما، وأقدمنا كفرا ونفاقا! " فقالت طوائف من أهل المسجد: " آمين ".
ثم تتابعت سياسة معاوية، تتفجر بكل ما يخالف الكتاب والسنة من كل منكر في الاسلام، قتلا للأبرار، وهتكا للاعراض، وسلبا للأموال، وسجنا للأحرار، وتشريدا للمصلحين، وتأييدا للمفسدين الذين جعلهم وزراء دولته، كابن العاص، وابن شعبة، وابن سعيد، وابن أرطأة، وابن جندب، وابن السمط، وابن الحكم، وابن مرجانة، وابن عقبة، وابن سمية الذي نفاه عن أبيه الشرعي عبيد، وألحقه بالمسافح أبيه أبي سفيان ليجعله بذلك أخاه، يسلطه على الشيعة في العراق، يسومهم سوء العذاب،
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»