صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٧
والمتوسع في تاريخ البيتين وسيرة إبطالهما من رجال ونساء يدرك ذلك بجميع حواسه.
لكن لما ظهر الاسلام، وفتح الله لعبده ورسوله فتحه المبين، ونصره ذلك النصر العزيز، انقطعت نوازي الشر " الأموي "، وبطلت نزعات أبي سفيان ومن اليه مقهورة مبهورة، متوارية بباطلها من وجه الحق الذي جاء به محمد عن ربه عز وجل، بفرقانه الحكيم، وصراطه المستقيم، وسيوفه الصارمة لكل من قاومه.
وحينئذ لم يجد أبو سفيان وبنوه ومن إليهم بدا من الاستسلام، حقنا لدمائهم المهدورة يومئذ لو لم يستسلموا، فدخلوا فيما دخل فيه الناس، وقلوبهم تنغل بالعدواة له، وصدورهم تجيش بالغل عليه، يتربصون الدوائر بمحمد ومن اليه، ويبغون الغوائل لهم. لكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان - مع علمه بحالهم - يتألفهم بجزيل الأموال، وجميل الأقوال والافعال، ويتلقاهم بصدر رحب، ومحيا منبسط، شأنه مع سائر المنافقين من أهل الحقد عليه، يبتغي استصلاحهم بذلك.
وهذا ما اضطرهم إلى اخفاء العداوة له، يطوون عليها كشحهم خوفا وطمعا، فكاد الناس بعد ذلك ينسون " الأموية " حتى في موطنها الضيق - مكة -.
اما في ميادين الفتح بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلم تعرف " الأموية " بشيء، سوى أنها من أسرة النبي ومن صحابته.
ثم أتيح بعد النبي لقوم ليسوا من عترته، أن يتبوأ مقعده، وأتيح لمعاوية في ظلهم أن يكون من أكبر ولاة المسلمين، أميرا من أوسع أمرائهم صلاحية في القول والعمل.
ومعاوية إذ ذاك يتخذ بدهائه من الاسلام سبيلا يزحف منه إلى الملك العضوض، ليتخذ به دين الله دغلا، وعباد الله خولا، ومال الله دولا، كما انذر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فكان ذلك من اعلام نبوته.
(٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»