الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ٤٠
دجلة. وهناك التقوا أيضا بأنصارهم من أهل البصرة وكانوا خمسمائة رجل على رأسهم مسعر بن فدكي التميمي. فلقيهم في الطريق عبد الله بن خباب وكان رجلا نابها فامتحنوه في موقف من عثمان ومن علي ولكن لم يعجبهم جوابه (1). على أنهم كانوا في نواح أخرى مرهفي الضمير فيقال: إن أحدهم لفظ من فمه ثمرة بعد أن تبين له أنها ليست له وأن آخر قد دفع ثمن خنزير لصاحبه النصراني لأنه قتل الخنزير من غير حق. أما ضد المسلم الذي لا يؤمن إيمانا صحيحا فقد كانوا بغير رحمة ولا هوادة. وهكذا اقتادوا ابن خباب إلى ماء وذبحوه عنده هو وامرأته وكانت معه. وكم قتلوا على هذا النحو كثيرين!
فاستولى على أهل الكوفة الغضب وخرجوا بقيادة علي - ويقال: إنه أرغم على السير معهم - لمحاربة هؤلاء المفسدين في النهروان وكان علي في جيش كبير (جعل على ميمنته حجر بن عدي وعلى ميسرته شبث بن ربعي أو معقل بن قيس الرياحي وعلى الخيل أبو أيوب الأنصاري وعلي الرجالة أبا قتادة الأنصاري وعلى أهل المدينة - وهم سبعمائة أو ثمانمائة رجل - قيس بن سعد بن عبادة (2) (وكان شبث بن ربعي من الحرورية أيضا). فدعا علي الخوارج إلى تسليم القتلة فأنكروا وقالوا: نحن جميعا قتلته. إنهم لم يريدوا مفاوضة للسلام بل سعوا إلى الموت في جهاد مع السلطان: (لا تسمعوا لكلامه بل استعدوا للقاء وجه الله الرواح الرواح إلى الجنة!) لكن بعضهم انعطفوا إلى الجبال إذ شق عليهم أن يرفعوا السيف علي علي وذهب البعض الآخر إلى علي وانضموا إليه أو قفلوا عائدين إلى الكوفة. وفي 9 صفر سنة 37 ه‍ (17 يوليو سنة 658 ميلادية) التقى الجمعان. ولم يكن قد بقي مع الراسبي غير 2800 من 4000 رجل. فقتل أكثرهم كما قتل خليفتهم - عبد الله بن وهب الراسبي.. وأخذ الجرحى مع المنتصرين إلى الكوفة حيث قام أهلهم بالعناية بجراحهم.

(1) وفي رواية أخرى أنهم غضبوا عليه لأنه أذاع أن الرسول كان يقول بالامتناع عن الاشتراك في حرب بين الأهل وأولى بالمرء أن يقتل (بضم الياء) من أن يسفك دم أخيه المسلم. [المترجم: نص الحديث هو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر فتنة (القاعدة فيها خير من القائم واقائم فيها خير من الماشي والماشي خير من الساعي قال: فإن أدركتم ذلك فكن يا عبد الله المقتول ولا تكن يا عبد الله القاتل) - راجع الطبري (1 / 3373 س 15 - 18)].
(2) [نقلنا النص عن الطبري (1 / 3380 س 1 - 5) لأنه أوفى - المترجم].
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست