الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ٤٢
الخوارج: ويلكم! ما تبغون منا؟ أليس معاوية عدونا وعدوكم؟ دعونا حتى نقاتله:
فإن أصبناه كنا قد كفيناكم عدوكم وإن أصابنا كنتم قد كفيتمونا قالوا: لا والله حتى نقاتلكم! فقالوا: رحم الله إخواننا من أهل النهر! هم كانوا أعلم بكم يا أهل الكوفة (الطبري ص 102) فأبى أهل الكوفة وقاتلوهم وهنالك أدرك الخوارج كما كان إخوانهم الذين قتلوا في يوم النهروان على حق. وكان أقرباء فروة ابن نوفل قد أخذوا قبل نشوب القتال (1).
ولم ينتخب الخوارج في الكوفة خليفة جديدا لهم بعد مصرع الراسبي إلا بعد أن تولى المغيرة بن شعبة أمر الكوفة. وهذا الخليفة الخارجي الجديد هو المستورد بن علفة من تميم الرباب الذي روى ابن الأثير أن أخويه هلالا ومجالدا استشهدا في المعارك التي وقعت بعد يوم النهروان. ورواية أبي مخنف فيما يتصل به تعود إلى شاهدي عيان لا يفصلهما عنه إلا رواية واحد وقد ألف أبو مخنف بين الروايتين حتى تتسقا وتكتملا في وحدة واحدة مع أن الروايتين صدرتا عن معسكرين متعاديين. وأحد الشاهدين هو عبد الله ابن عقبة الغنوي كان في شبابه يرى رأي الخوارج وساهم معهم مساهمة غير قليلة بيد أنه ترك الخوارج فيما بعد.
وشخصيته جذابة وروايته تقدم صورة حية عن قدماء الخوارج ومن هنا كانت روايته مفيدة كل الفائدة وإن كانت لا تتعلق إلا بحركة ثورية عابرة.

(1) يميز (الكلام) بين معركتين عند النخيلة: (الأولى) ضد علي وكانوا بقيادة المستورد (ص / 576 وما يليها). راجع عكس هذا في (ص / 548) و (الثانية (ضد معاوية وكانوا بقيادة حوثر الأزدي (ص / 577 وما يليها). ولكن ذكر المستورد سابق لأوانه أما خوثر فهو خنثر المحاربي. والقوم الذين حاربوا عليا في معركة النخيلة الأولى لا يمكن أن يكونوا أولئك الذين حاربوا عليا في النهروان. ثم إنه أقرب إلى العقل أن يكونوا لم يحاربوا عليا في معركة النخيلة الأولى بل حاربوا معاوية. والواقع أن ياقوت (2 / 153) يجعل الأبيات التي يذكر (الكامل) أنها تتعلق بمعركة النخيلة الأولى يجعلها تتعلق بمعركة النخيلة الثانية ورأي ياقوت أرجح إذ من الصعب أن نعزو إلى علي أنه أمر بإحضار رؤس الخوارج المطاحة إليه أكواما. وفي الحق أنه لا فارق بين معركة النخيلة الأولى والثانية. وإذ كان السيد الحميري (الكامل) (ص / 577) قد رأى في القتال الذي نشب هناك أنه ضد علي فالواقع أنه كان ضد الشيعة من أهل الكوفة الذين أطاعوا أمر معاوية بقتال الخوارج ومن المؤكد أنهم لم يكونوا لقتالهم كارهين.
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»
الفهرست