الخوارج والشيعة - دكتر عبد الرحمن البدوي - الصفحة ٣٤
التي لا يبررها إلا مجرد وجودها في الواقع التاريخي فالأمة الحقيقية هي تلك التي ينتسب إليها المسلمون الصالحون سواء كانوا من العلية أو الطبقة الدنيا عربا أو موالي والمكانة العليا هي للأتقى. وهم لا يحسبون أنهم بهذا يمزقون شمل الجماعة. ويفخرون بقتل عثمان ويرون أن الاقرار بهذا العمل الذي كان حجر الزاوية في الثورة هو بمثابة الشهادة ويمتحنون كل من يشكون فيه من أنصارهم في هذه المسألة امتحانا عسيرا ويستحلون دماء خصومهم المسلمين. ولم يعد جهادهم ضد الكفار بل ضد أهل السنة والجماعة من عامة المسلمين إذا كانوا يرون في هؤلاء (كفارا) (1) بل أشد كفرا من النصارى واليهود والمجوس ويحسبون قتال عدوهم هذا الداخلي أهم الفروض هم يقولون عن أنفسهم إنهم وحدهم المسلمون الحقيقيون ولا يطلقون اسم (المسلم) على غير أنفسهم أجل هم عند غيرهم (خوارج) إلخ لكنهم عند أنفسهم: (المسلمون) أو (المؤمنون) ويلقبون رئيسهم بلقب (أمير المؤمنين). وكما اعتزل النبي كفار أهل مكة كذلك اعتزلوا هم جمهور أهل الضلالة فهاجروا من (دار الحرب) أو (دار الخاطئين) إلى (دار الهجرة) أو (دار السلام) وهو الاسم الذي يسمون به حاضرتهم التي تتغير كثيرا تبعا لتواجدهم.
* منهج الخوارج:
ومع هذا كله فليسوا من نوع الفوضويين المستنيرين. فوحدة جماعة المؤمنين تتمثل في عسكرها وهم يرون ضرورة وجود إمام على رأس الحكومة الدينية: يؤم المسلمين في الصلاة. ويقودهم في الجهاد لذا لا ينكرون عثمانا وعليا ومعاوية إلا لأنهم أئمة زائفون يريد الخوارج أن يستبدلوا بهم أئمة صالحين. ذلك لأنه إذا صلح الامام صلحت الأمور كلها والنعيم الباقي رهين بهذا إذ الاتجاه السياسي على الأرض يقرر المصير في السماء: إلى النعيم أو إلى الجحيم. وتحت اللواء الذي يحارب المرء باسمه يقف أيضا أمام الله. فالامام إمام في الدنيا لصالح الآخرة. هذا هو المذهب السائد في الاسلام. وبقدر ما في مركز الامام

(1) ينعتونهم بأنهم (مشركون) (أحزاب). (خاطئون) أو بعبارة أدق: (أهل الردة).
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 31 32 33 34 35 36 37 39 40 ... » »»
الفهرست