بداية الوصول في شرح كفاية الأصول - الشيخ محمد طاهر آل الشيخ راضي - ج ٢ - الصفحة ٣٦٥

____________________
الآخر: أي انه مع الاتيان بأحد هذه الواجبات لا يبقى مجال لاستيفاء الغرض من بقيتها. وهذا هو الفرق بين هذا الوجوب التخييري والوجوب التعييني فإنه لا يجوز تركه لأن غرضه لازم الاستيفاء وليس مزاحما بغيره بحيث لو أتى بغيره لا يمكن استيفاؤه ويكون هذا هو الملاك للقول الثالث: وهو ان الواجب التخييري هو وجوب كل منهما مع السقوط بفعل أحدهما فيما إذا كان التخيير بين شيئين، ووجوب كل منها مع السقوط بفعل أحدها إذا كان التخيير بين أشياء، ولا يكتفى بهذا المقدار في إتمام الواجب التخييري، فإنه بهذا البيان وان خرج التخيير العقلي في وجوب الطبيعة الواحدة ذات الافراد لفرض تعدد الاغراض فيتعدد الواجب، إلا ان الغرض في أحدها إذا كان يسقط بفعل الآخر كان الغرض في كل منها لزوميا لفرض كونه غرضا يدعو إلى الوجوب، فاللازم الامر باتيانهما دفعة واحدة لأن الغرض في كل منهما لازم وبإتيان أحدهما منفردا لا يبقى مجال لاستيفاء الغرض من الآخر الذي هو لازم أيضا، فحفظا لتحصيل الغرضين اللازمين ينبغي الامر باتيانهما معا دفعة واحدة، ولا يقول بهذا أحد في الواجبات التخييرية التي يمكن الاتيان بها دفعة واحدة، فينبغي تتميمه بان يقال: ان الغرض في كل واحد منهما غير الغرض من الآخر، ولا يكون بحصول أحدهما يمتنع حصول الغرض من الآخر ولكن هناك مصلحة دعت إلى الاكتفاء بأحدهما، فلا مانع من الاتيان بهما واحدا بعد واحد ولا يجب الامر بهما دفعة واحدة ويجوز الاكتفاء بأحدهما، ويكون مراده من قوله: ((يكون في كل واحد منهما لا يكاد يحصل...)) إلى آخر كلامه انه لا يكاد يحصل الغرض مع التحفظ على المصلحة الداعية إلى الترخيص في ترك الآخر (1).

(1) ثم إنه إذا كان لكل واحد من الواجبين غرض غير الغرض من الآخر فلا يخلو الحال عن احتمالات كلها غير خالية عن الاشكال: = = الأول: ان يكون الغرضان بحيث لا يمكن استيفاء أحدهما مع استيفاء الآخر بمعنى انه بعد حصول الغرض من أحدهما لا يمكن استيفاء الغرض من الآخر، فلازم ذلك الامر بهما بايجادهما دفعة واحدة لفرض كون كل واحد من الغرضين لازما، وبعد وجود أحدهما لا يمكن وجود الآخر فلا مناص عن لزوم الامر بايجادهما دفعة واحدة.
الثاني: ان يكون الغرضان متزاحمين ومع ذلك لا يمكن اجتماعهما في زمان واحد بحيث يكون حصول الغرض من أحدهما مقيدا بعدم وجود، ولازم ذلك النهي عن الاتيان بهما دفعة واحدة مضافا إلى انهما يكون التخيير بينهما عقليا، لأن المتزاحمين تارة يتزاحمان لعدم القدرة على الجمع بينهما كانقاذ غريقين لا يقدر على إنقاذهما معا، وأخرى يكون التزاحم بينهما في الملاك وكما أن التخيير بينهما في الصورة الأولى عقلي كذلك التخيير بينهما في الصورة الثانية عقلي أيضا.
الثالث: ان لا يكون الغرضان متزاحمين ملاكا ولا يكونا بحيث إذا حصل أحدهما يمنع عن استيفاء، بل يكونان بحيث إذا حصلا معا لا يترتب عليهما إلا غرض واحد كما إذا انفرد كل منهما، وعلى هذا فالتخيير بينهما وان كان شرعيا الا ان لازم ذلك التخيير بين ايجاد كل منهما منفردا وبين ايجادهما معا.
وهناك احتمال رابع وهو ان يكون الغرضان لازمين في حد ذاتهما وليس بينهما تزاحم ولا ان استيفاء أحدهما يمنع عن استيفاء الآخر ولا انهما إذا اجتمعا لا يترتب عليهما الا غرض واحد بل كان هناك مصلحة دعت إلى الترخيص في ترك أحدهما كمصلحة التسهيل أو غيرها، وهذا ينطبق على الواجبات التخييرية فان التخيير شرعي لا عقلي.
ولا يرد عليه انه خلاف ظاهر الواجب التخييري فان ظهوره ليس هو الا كون كل واحد منهما واجبا يجوز تركه إلى بدل. ولا يرد عليه ان لازم ذلك ترتب عقابين على تركهما معا لوضوح ان لازم الترخيص في ترك كل منهما إلى بدل هو العقاب الواحد على تركهما. (منه قدس سره)
(٣٦٥)
مفاتيح البحث: المنع (2)، النهي (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 358 360 361 362 363 365 366 367 368 369 370 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الواجب 1
2 اقسام المقدمة 5
3 المقدمة الداخلية والخارجية 5
4 خروج الأجزاء عن محل النزاع 15
5 المقدمة الخارجية 22
6 المقدمة العقلية والشرعية والعادية 22
7 رجوع المقدمة العادية إلى العقلية 24
8 مقدمة الوجود والصحة والوجوب والعلم 27
9 رجوع مقدمة الصحة إلى مقدمة الوجود 27
10 خروج مقدمة الوجوب والمقدمة العلمية عن محل النزاع 27
11 تقسيم المقدمة إلى المتقدم والمقارن والمتأخر 31
12 الاشكال في المقدمة المتأخرة 33
13 تقسيم الواجب إلى المطلق والمشروط 50
14 اشكال تفكيك الانشاء عن المنشأ وجوابه 68
15 دخول المقدمات الوجودية للواجب المشروط في محل النزاع 78
16 تذنيب 85
17 تقسيم الواجب إلى المعلق والمنجز 89
18 اشكال المصنف (ره) على صاحب الفصول (ره) 102
19 تقسيم الواجب إلى النفسي والغيري 133
20 الشك في كون الواجب نفسيا أو غيريا 140
21 تذنيبان 149
22 اشكال ودفع 153
23 تبعية المقدمة لذيها في الاطلاق والاشتراط 172
24 عدم اعتبار قصد التوصل في وجوب المقدمة 176
25 في الرد على القول بالمقدمة الموصلة 193
26 استدلال صاحب الفصول (قده) على وجوب المقدمة الموصلة 201
27 الجواب عن الوجوه 207
28 ثمرة القول بوجوب المقدمة الموصلة 221
29 الاشكال على الثمرة 224
30 تقسيم الواجب إلى الأصلي والتبعي 230
31 تذنيب في بيان الثمرة 237
32 تأسيس الأصل في المسألة 250
33 استدلال أبي الحسن البصري على وجوب المقدمة 260
34 مقدمة المستحب كمقدمة الواجب 269
35 فصل الأمر بالشيء هل يقتضي النهي عن ضده 275
36 توهم كون ترك الضد مقدمة لضد آخر 279
37 ثمرة المسألة 308
38 في مبحث الترتب 311
39 اشكال المصنف (قده) على القائل بالترتب 325
40 فصل عدم جواز الامر مع العلم بانتفاء الشرط 335
41 فصل تعلق الأوامر والنواهي بالطبائع 340
42 فصل إذا نسخ الوجوب فلا دلالة على بقاء الجواز 350
43 فصل في الواجب التخييري 358
44 فصل في الواجب الكفائي 377
45 فصل في الواجب الموسع والمضيق 380
46 فصل الامر بالامر بشيء امر به 390
47 فصل إذا ورد امر بشيء بعد الامر به 391