عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ٧٣
هو بكونهم عدولا لا بلفظ الشهادة لان التعليق لو كان بالشهادة لم يكن في الكلام شبهة من حيث كانت الشهادة لا تدل بنفسها على كونها حجة كما يدل العدالة ولو تعلق متعلق بكونهم شهودا ويذكر شهادتهم لم يجد بدا من اعتبار العدالة والرجوع إليها وإذا كانت الصغاير لا يؤثر في العدالة ولا يمتنع وقوعها على مذهب المعتزلة من العدل المقبول الشهادة فما الموجب من الآية نفيها عن الأمة ولا فرق فيما ذكرناه بين أن يكونوا شهداء في الدنيا والآخرة معا وبين أن يكونوا شهداء في الآخرة دون الدنيا واستدلوا أيضا بقوله تعالى كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر فلا يجوز ان يقع منها خطأ لان ذلك يخرجها من كونها خيار ويخرجهما أيضا من كونها امرة بالمعروف وناهية عن المنكر الا أن يكون آمرة بالمنكر وناهية عن المعروف ولا ملجاء من ذلك الا بالامتناع من وقوع شئ من القبايح من جهتهم والكلام على هذا الدليل مثل الكلام على الآية التي ذكرناها قبل هذه الآية على حد واحد من المنازعة في أن تكون لفظة الأمة يستحق الجمع والشمول ومع التسليم انها تشتمل جميع أهل الاعصار دون أهل كل عصر وفي انه لا يجوز ان يوصفوا بأنهم خيار إلا وكل واحد منهم بهذه الصفة وفي ان أكثر ما تقتضيه الآية ان لا يقع منهم ما يخرجهم من كونهم خيارا من الكباير ولا يجب من ذلك الا يقع منهم الصغير الذي ينحبط عقابه ولا يخرجهم من كونهم بهذه الصفة فالكلام في الاثنين على حد واحد ويمكن أن يقال في هذه الآية وفي التي تقدمت ان المراد بها قوم معنيين (معينون خ ر) لما يتضمنان من حرف الإشارة في المخاطبين وليس فيهما ما يقتضى لفظ العموم لان ألفاظ العموم معلومة وليس فيهما شئ منها فان رجعوا إلى ان يقولوا لو كان المراد به ما دون الاستغراق لبين قيل لهم ولو كان المراد بها الاستغراق لبين وإذا تقابل القولان سقط الاحتجاج بالآية وكان ما يسئل على هذه الطعون فقد مضى الجواب عنه في الآية المتقدمة فلا وجه لتكراره واستدلوا أيضا بقوله تعالى فاتبع سبيل من أناب إلى قالوا فأوجب الله تعالى اتباع سبيل من أناب إليه وهم المؤمنون لهم المختصون بهذه الطريقة والكلام في هذه الآية كالكلام في الآيات المتقدمة وأكثر ما اعترضنا به عليها فهو اعتراض على هذه الآية أيضا ومما يختص بهذه الآية ان الإنابة حقيقتها في اللغة هي الرجوع وانما يستعمل في التايب حيث رجع عن المعصية إلى الطاعة وليس يصح اجزاؤها على المتمسك بطريقة واحدة لم يرجع إليها من غيرها على سبيل الحقيقة ولو استعمل فيما ذكرناه لكان مستعملها متجوزا عند جميع أهل اللغة وإذا كانت حقيقة الإنابة في اللغة هي الرجوع لم يصح اجراء قوله تعالى واتبع سبيل من أناب على جميع المؤمنين حتى يعم بها من كان متمسكا بالايمان وغير خارج عن غيره إليه ومن رجع عن اعتقاده وأناب إليه بعد ان كان على غيره لأنا لو فعلنا ذلك لكنا عادلين باللفظة عن حقيقتها من غير ضرورة فالواجب أن يكون ظاهرها متناولا للتأسي من المؤمنين الذين أنابوا إلى الايمان وفارقوا غيره وإذا تناولت هذا لم يكن دلالة على مكان الخلاف بيننا وبين خصومنا
(٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125