عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ٣ - الصفحة ١٢١
ومصالح وان لم يجز لنا ان ننتفع بها بالاكل بل نفعنا بالامتناع منها فيحصل لنا بها الثواب كما انه خلق أشياء كثيرة يصح الانتفاع بها ومع ذلك فقد حظرها بالسمع مثل شرب الخمر والميتة والزنا وغير ذلك و ليس لهم أن يقولوا ان هذه الأشياء انما حظرها لما كانت مفسدة في الدين وإعلمنا ذلك وليس كذلك ما يصح الانتفاع به ولا يعلم ذلك فيه وذلك انا قد بينا انه لا فرق بين أن تتعلق المصلحة باعلامنا جهة الفعل من قبح أو حسن فيجب عليه أن يعلمنا ذلك وبين أن تتعلق المصلحة بحال لنا جوز معها كل واحد من الامرين فيجب أن يقتصر بنا على تلك الحال لان المراعى حصول المصلحة وإذا ثبت ذلك لحق ثبوت ما علمنا قبحه على طريق القطع والثبات في انه لا يحسن منا الاقدام عليه ومنها ان على مذهب كثير من أهل العدل انما خلق الطعوم والأرابيح والأجسام لأنها لا تصح أن يخلو منها فجرت في هذا الباب مجرى الأكوان التي لا يصح خلو الجسم منها وخلق الجسم إذا ثبت انه مصلحة وجب أن يخلق معه جميع ما يحتاج إليه في وجوده ومنها ان الانتفاع بهذه الأشياء قد يكون بالاستدلال بها على الله تعالى وعلى صفاته فليس الانتفاع مقصورا على التناول فحسب وليس لهم أن يقولوا انه كان يمكن الاستدلال بالأجسام على وحدانية الله تعالى وعلى صفاته فلا معنى لخلق الطعوم و ذلك انه لا يمتنع ان يخلقها لما ذكرناه وان كان الجسم يصح الاستدلال به ويكون ذلك زيادة في الأدلة ولسنا ممن يقول لا يجوز أن ينصب على معرفته أدلة كثيرة لأنا ان قلنا ذلك أدى إلى فساد أكثر الأدلة التي يستدل بها على وحدانيته تعالى فإذا ينبغي أن يجوز أن يخلقها للاستدلال بها وذلك يخرجهما عن حكم العبث ويدخلهما في باب ما خلقت للانتفاع بها وليس لهم أن يقولوا إذا صح الانتفاع بها من الوجهين بالاستدلال والتناول فينبغي ان يقصد به الوجهين وذلك ان هذا محض الدعوى لا برهان عليها بل الذي يحتاج إليه ان يعلم انه لم يخلقها الا لوجه فاما أن يقصد بها جميع الوجوه التي يصح الانتفاع بهما فلا يجب ذلك على انا قد بينا انه لا يمتنع ان يفرض في أحد الوجهين مفسدة في الدين فيحسن أن يخلقها للوجه الاخر ويعلمنا ان فيها فسادا للدين ومتى تناولناها فيجب علينا أن نمتنع منها فان قيل إذا أمكن خلقها للوجهين ولم يقصدهما كان عبثا من الوجه الذي لم يقصد للانتفاع به وجرى ذلك مجرى فعلين يقصد بأحدهما للانتفاع ولا يقصد بالاخر ذلك فيكون ذلك عبثا قيل له ليس الامر على ذلك لان الفعل الواحد إذا كان فيه وجه من وجوه الحكمة خرج من باب العبث وان كان له وجوه اخر كان يجوز ان تقصد وليس كذلك الفعلان لأنه إذا قصد وجه الحكمة في أحدهما بقي الاخر خاليا من ذلك وكان عبثا وليس كذلك الفعل الواحد على ما بيناه فان قيل الانتفاع بالاعتبار
(١٢١)
مفاتيح البحث: شرب الخمر (1)، الجواز (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان وما يقع به البيان 2
2 فصل فيما ألحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 7
3 فصل في ذكر جواز تأخير التبليغ والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 11
4 فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب وذكر الخلاف فيه 12
5 فصل في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز 19
6 فصل في القول في دليل الخطاب واختلاف الناس فيه 19
7 فصل في ذكر حقيقة النسخ وبيان شرائطه والفصل بينه وبين البداء 25
8 فصل في ذكر ما يصح معنى النسخ فيه من أفعال المكلف وما لا يصح وبيان شرائطه 30
9 فصل في ذكر جواز نسخ الشرعيات 32
10 فصل في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة ونسخ التلاوة دون الحكم 36
11 فصل في نسخ الشيء وقبل وقت فعله ما حكمه 37
12 فصل في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أولا 40
13 فصل في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا والخلاف فيه 43
14 فصل في نسخ الكتاب بالكتاب والسنة بالسنة ونسخ الاجماع والقياس وتجويز القول في النسخ بهما 44
15 فصل في ذكر نسخ القرآن بالسنة والسنة بالقرآن 45
16 فصل في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخها 50
17 فصل في ذكر جملة من أحكام الافعال ومن يضاف اليه واختلاف وأحوالهم 51
18 فصل في ذكر المعنى التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل يجب اتباعه في افعاله عقلا أو سمعا وكيف القول فيه 52
19 فصل في الدلالة على أن افعاله صلى الله عليه وآله كلها ليست على الوجوب 55
20 فصل في ذكر الوجوه التي يقع عليها أفعاله صلى الله عليه وآله وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 57
21 فصل في ذكر افعاله إذا اختلف هل يصح فيها التعارض أم لا؟ 59
22 فصل في أنه صلي الله عليه وآله هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 60
23 (الكلام في الاجماع) فصل في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 64
24 فصل في كيفية العلم بالاجماع ومن يعتبر قوله فيه 75
25 فصل فيما يتفرع على الاجماع من حيث كان اجماعا عند من قال بذلك... 81
26 (الكلام في القياس) فصل في ذكر حقيقة القياس واختلاف الناس في ورود العبادة به 82
27 فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 84
28 فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 89
29 (الكلام في الاجتهاد) فصل في ذكر صفات المفتى والمستفتي وبيان أحكامهما 114
30 فصل في أن النبي صلى الله عليه وآله هل كان مجتهدا في شيء من الاحكام... 116
31 (الكلام في الحظر والإباحة) فصل في ذكر حقيقة الحظر والإباحة 117
32 فصل في ذكر بيان الأشياء التي يقال انها على الحظر والإباحة... 117
33 فصل في ذكر النافي هل عليه دليل أم لا والكلام في استصحاب الحال 123
34 فصل في ذكر ما يعلم على ضربين بالعقل والسمع 125