تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٤ - الصفحة ٧٥
وقوله: * (زهرة الحياة الدنيا) * شبه سبحانه نعم هؤلاء الكفار بالزهر، وهو ما اصفر من النور، وقيل: الزهر: النور جملة; لأن الزهر له منظر، ثم يضمحل عن قرب، فكذلك مآل هؤلاء، ثم أخبر سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم أن ذلك إنما هو ليختبرهم به، ويجعله فتنة لهم وأمرا يجازون عليه أسوأ الجزاء; لفساد تقلبهم فيه.
* ص *: و * (زهرة) *: منصوب على الذم، أو مفعول ثان ل‍: * (متعنا) * مضمن معنى أعطينا. آه‍.
ورزق الله تعالى الذي أحله للمتقين من عباده، خير وأبقى، أي: رزق الدنيا خير ورزق الآخرة أبقى، وبين أنه خير من رزق الدنيا، ثم أمره سبحانه وتعالى بأن يأمر أهله بالصلاة، ويمتثلها معهم ويصطبر عليها ويلازمها، وتكفل هو تعالى برزقه لا إله إلا هو، وأخبره أن العاقبة للمتقين بنصره في الدنيا، ورحمته في الآخرة، وهذا الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ويدخل في عمومه: جميع أمته.
وروي: أن عروة بن الزبير رضي الله عنه كان إذا رأى شيئا من أخبار السلاطين وأحوالهم، بادر إلى منزله، فدخله وهو يقول: * (ولا تمدن عينيك...) * الآية إلى قوله * (وأبقى) * ثم ينادي: الصلاة الصلاة رحمكم الله، ويصلي.
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوقظ أهل داره لصلاة الليل ويصلي هو ويتمثل بالآية.
قال الداودي: وعن عبد الله بن سلام، قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل بأهله ضيق أو شدة أمرهم بالصلاة، ثم قرأ: * (وأمر أهلك بالصلاة) * إلى قوله * (للتقوى) *. انتهى.
قال ابن عطاء الله في " التنوير ": وأعلم أن هذه الآية علمت أهل الفهم عن الله تعالى كيف يطلبون / رزقهم، فإذا توقفت عليهم أسباب المعيشة، أكثروا من الخدمة والموافقة، وقرعوا باب الرزق بمعاملة الرزاق - جل وعلا - ثم قال: وسمعت شيخنا أبا العباس
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مريم 5
2 طه 43
3 الأنبياء 79
4 الحج 106
5 المؤمنون 141
6 النور 167
7 الفرقان 202
8 الشعراء 224
9 النمل 242
10 القصص 263
11 العنكبوت 288
12 الروم 305
13 لقمان 318
14 السجدة 326
15 الأحزاب 334
16 سبأ 363
17 فاطر 381