تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٥٩
مثالا، أي: قد أصاب هذا آباءنا، فلا ينبغي لنا أن ننكره، ثم أخبر سبحانه، أنه أخذ هذه الطوائف التي هذا معتقدها، وقوله: (بغتة) أي: فجأة وأخذة أسف، وبطشا، للشقاء السابق لهم في قديم علمه سبحانه.
وقوله تعالى: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض)، أي: من بركات المطر والنبات، وتسخير الرياح والشمس والقمر في مصالح العباد، وهذا بحسب ما يدركه نظر البشر، ولله سبحانه خدام غير ذلك لا يحصى عددهم، وما في علم الله أكثر.
وقوله سبحانه: (أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون...) الآية تتضمن وعيدا للكافرين المعاصرين لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه لما أخبر عما فعل في الأمم الخالية، قال: وهل يأمن هؤلاء أن ينزل بهم مثل ما نزل بأولئك، وهذا استفهام على جهة التوقيف، والبأس: العذاب، و (مكر الله) هي إضافة مخلوق إلى خالق، والمراد فعل يعاقب به مكرة الكفرة، والعرب تسمي العقوبة باسم الذنب.
وقوله سبحانه: (أو لم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها...) الآية: هذه ألف تقرير دخلت على واو العطف، و " يهدي ": معناه: يبين، فيحتمل أن يكون المبين الله سبحانه، ويحتمل أن يكون المبين قوله: (أن لو نشاء)، أي علمهم بذلك، وقال ابن عباس، ومجاهد، وابن زيد: يهدي: معناه: يتبين، وهذه أيضا آية وعيد، أي: ألم يظهر لوارثي الأرض بعد أولئك الذين تقدم ذكرهم، وما حل بهم - أنا نقدر لو شئنا أصبناهم بذنوبهم، كما فعلنا بمن تقدم، وفي العبارة وعظ بحال من سلف من المهلكين.
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة