تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٦١
وقوله سبحانه: (وما وجدنا لأكثرهم من عهد...) الآية: أخبر سبحانه أنه لم يجد لأكثرهم ثبوتا على العهد الذي أخذه سبحانه على ذرية آدم وقت استخراجهم من ظهره، قاله أبو العالية عن أبي بن كعب، ويحتمل أن يكون المعنى: وما وجدنا لأكثرهم التزام عهد، وقبول وصاة مما جاءتهم به الرسل عن الله، ولا شكروا نعم الله عز وجل.
قال * ص *: (لأكثرهم): يحتمل أن يعود على " الناس " أو على (أهل القرى) أو " الأمم الماضية ". انتهى.
وقوله سبحانه: (ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فظلموا بها...) الآيات، في هذه الآية: عام في التسع وغيرها، والضمير في " من بعدهم " عائد على الأنبياء المتقدم ذكرهم، وعلى أممهم.
وقوله سبحانه: (فانظر كيف كان عاقبة المفسدين): فيه وعيد، وتحذير للكفرة المعاصرين لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وقوله سبحانه: (وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين * حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق)، قرأ نافع وحده: " علي " بإضافة " على " إليه، وقرأ الباقون: " على " بسكون الياء.
قال الفارسي: معنى هذه القراءة أن " على " وضعت موضع الباء، كأنه قال: حقيق بأن لا أقول على الله إلا الحق، وقال قوم: " حقيق " صفة ل‍ " رسول "، تم عندها الكلام، و " علي ": خبر مقدم و " ألا أقول ": ابتداء، وإعراب " أن "، على قراءة من سكن الياء خفض، وعلى قراءة من فتحها مشددة: رفع، وفي قراءة عبد الله: " حقيق أن لا أقول "، وهذه المخاطبة - إذا تأملت - غاية في التلطف، ونهاية في القول اللين الذي أمر به عليه السلام، وقوله: (قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل * قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين) " البينة "، هنا إشارة إلى جميع آياته، وهي على المعجزة منها أدل، وهذا من موسى عليه السلام عرض نبوته، ومن فرعون استدعاء خرق العادة الدال على الصدق، وظاهر هذه الآية وغيرها أن موسى عليه السلام لم تنبن شريعته إلا على بني إسرائيل فقط، ولم يدع فرعون وقومه إلا إلى إرسال بني إسرائيل، وذكره: (لعله يتذكر أو
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة