تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٥٤٣
المناولة، وأعمال القوة " والزبر " جمع زبرة، وهي القطعة العظيمة منه، والمعنى: فرصفه وبناه (حتى إذا ساوى بين الصدفين)، وهما الجبلان، وقوله: (قال انفخوا...) إلى آخر الآية، معناه: أنه كان يأمر بوضع طاقة من الزبر والحجارة، ثم يوقد عليها حتى تحمى ثم يؤتى بالنحاس المذاب أو بالرصاص أو بالحديد، بحسب الخلاف في " القطر "، فيفرغه على تلك الطاقة المنضدة، فإذا التأم واشتد، استأنف رصف طاقة أخرى إلى أن استوى العمل، وقال أكثر المفسرين: " القطر ": النحاس المذاب، ويؤيد هذا ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل فقال: يا رسول الله، إني رأيت سد يأجوج ومأجوج، فقال: كيف رأيته؟ قال:
رأيته كالبرد المحبر، طريقة صفراء، وطريقة حمراء، وطريقة سوداء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " قد رأيته " و (يظهروه) ومعناه: يعلونه بصعود فيه، ومنه قوله في " الموطإ "، " والشمس في حجرتها قبل أن تظهر "، (وما استطاعوا له نقبا) لبعد عرضه وقوته، ولا سبيل سوى هذين: إما ارتقاء، وإما نقب، وروي أن في طوله ما بين طرفين الجبلين مائة فرسخ، وفي عرضه خمسين فرسخا، وروي غير هذا مما لم نقف على صحته، فاختصرناه، إذ لا غاية للتخرص، وقوله في الآية (انفخوا) يريد بالأكيار.
وقوله: (هذا رحمة من ربي...) الآية: القائل ذو القرنين، وأشار ب‍ (هذا) إلى الردم والقوة عليه، والانتفاع به، والوعد يحتمل أن يريد به يوم القيامة، ويحتمل أن يريد به وقت خروج يأجوج ومأجوج، وقرأ نافع وغيره: " دكا " مصدر " دك يدك "، إذا هدم ورض، وناقة دكاء لا سنام لها، والضمير في (تركنا) لله عز وجل.
وقوله: (يومئذ) يحتمل أن يريد به يوم القيامة، ويحتمل أن يريد به يوم كمال السد، والضمير في قوله: (بعضهم) على هذا ليأجوج ومأجوج، واستعارة الموج لهم عبارة عن الحيرة، وتردد بعضهم في بعض، كالمولهين من هم وخوف ونحوه، فشبههم بموج البحر الذي يضطرب بعضه في بعض.
وقوله: (ونفح في الصور...) إلى آخر الآية: يعني به يوم القيامة بلا احتمال
(٥٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 538 539 540 541 542 543 544 545 546 547 548 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة