تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٤٥٢
وألزمهم إياه، ثم أخبرهم به في التوراة على لسان موسى، فلما أراد هنا الإعلام لنا بالأمرين جميعا في إيجاز، جعل (قضينا) دالة على النفوذ في أم الكتاب، وقرن بها " إلى " دالة على إنزال الخير بذلك إلى بني إسرائيل، والمعنى المقصود مفهوم خلال هذه الألفاظ، ولهذا فسر ابن عباس مرة بأن قال: (قضينا إلى بني إسرائيل)، معناه: أعلمناهم، وقال مرة:
" قضينا عليهم "، و (الكتاب) هنا، التوراة لأن القسم في قوله: (لتفسدن) غير متوجه مع أن نجعل (الكتاب) هو اللوح المحفوظ.
وقال * ص *: و (قضينا): مضمن معنى " أوحينا "، ولذلك تعدى ب‍ " إلى "، وأصله أن يتعدى بنفسه إلى مفعول واحد، كقوله سبحانه: (فلما قضى موسى الأجل) [القصص:
29] انتهى، وهو حسن موافق لكلام * ع *، وقوله " ولتعلن " أي: لتتجبرن، وتطلبون في الأرض العلو، ومقتضى الآيات أن الله سبحانه أعلم بني إسرائيل في التوراة، أنه سيقع منهم عصيان وكفر لنعم الله، وأنه سيرسل عليهم أمة تغلبهم وتذلهم، ثم يرحمهم بعد ذلك، ويجعل لهم الكرة ويردهم إلى حالهم من الظهور، ثم تقع منهم أيضا تلك المعاصي والقبائح، فيبعث الله تعالى عليهم أمة أخرى تخرب ديارهم، وتقتلهم، وتجليهم جلاء، مبرحا، وأعطى الوجود بعد ذلك هذا الأمر كله، قيل: كان بين المرتين مائتا سنة، وعشر سنين ملكا مؤيدا بأنبياء، وقيل: سبعون سنة.
وقوله سبحانه: (فإذا جاء وعد أولهما) الضمير في قوله: (أولاهما) عائد / على قوله (مرتين)، وعبر عن الشر ب‍ " الوعد "، لأنه قد صرح بذكر المعاقبة.
قال * ص *: (وعد أولاهما)، أي: موعود، وهو العقاب، لأن الوعد سبق
(٤٥٢)
مفاتيح البحث: عبد الله بن عباس (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 447 448 449 450 451 452 453 454 455 456 457 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة