تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٤٤٦
يطيعون ذلك، ويرضونه، ومعنى هذا: أن التحليل والتحريم إنما هو لله، كما تقدم بيانه، فليس لأحد أن يصرح بهذا في عين من الأعيان إلا أن يكون الباري تعالى يخبر بذلك عنه، وما يؤدي إليه الاجتهاد أنه حرام يقول فيه: إني أكره كذا، وكذلك كان مالك يفعل، اقتداء بمن تقدم من أهل الفتوى انتهى.
وقوله: (متاع قليل) إشارة إلى عيشهم في الدنيا، (ولهم عذاب أليم) بعد ذلك في الآخرة، وقوله: (ما قصصنا عليك من قبل) إشارة إلى ما في " سورة الأنعام " من ذي الظفر والشحوم.
وقوله سبحانه: (ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم) هذه آية تأنيس لجميع العالم فهي تتناول كل كافر وعاص تاب من سوء حاله، قالت فرقة: " الجهالة "، هنا: العمد، والجهالة، عندي في هذا الموضع: ليست ضد العلم، بل هي تعدي الطور وركوب الرأس. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: " أو أجهل أو يجهل علي " وقد تقدم بيان هذا، وقلما يوجد في العصاة من لم يتقدم له علم بحظر المعصية التي يواقع.
وقوله سبحانه: (إن إبراهيم كان أمة قانتا لله...) الآية: لما كشف الله فعل اليهود وتحكمهم في شرعهم بذكر ما حرم عليهم - أراد أن يبين بعدهم عن شرع إبراهيم عليه السلام، " والأمة "، في اللغة: لفظة مشتركة تقع للحين، وللجمع الكثير، وللرجل المنفرد بطريقة وحده، وعلى هذا الوجه سمي إبراهيم عليه السلام أمة، قال مجاهد: سمي إبراهيم أمة، لانفراده بالإيمان في وقته مدة ما، وفي البخاري، أنه قال لسارة: " ليس على الأرض اليوم مؤمن غيري وغيرك "، وفي البخاري قال ابن مسعود: الأمة معلم الخير
(٤٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة