تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٤٤٥
وقوله سبحانه: (وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة...) الآية: قال ابن عباس: القرية، هنا مكة، والمراد الضمائر كلها في الآية أهل القرية، ويتوجه عندي في الآية أنها قصد بها قرية غير معينة جعلت مثلا لمكة، على معنى التحذير، لأهلها ولغيرها من القرى إلى يوم القيامة / وهو الذي يفهم من كلام حفصة أم المؤمنين، و " أنعم " جمع نعمة.
وقوله سبحانه: (فأذاقها الله لباس الجوع والخوف) استعارات، أي: لما باشرهم ذلك، صار كاللباس، والضمير في (جاءهم) لأهل مكة، والرسول محمد صلى الله عليه وسلم، و (العذاب): الجوع وأمر بدر ونحو ذلك، إن كانت الآية مدنية، وإن كانت مكية، فهو الجوع فقط.
وقوله سبحانه: (فكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا...) الآية: هذا ابتداء كلام آخر، أي: وأنتم أيها المؤمنون، لستم كهذه القرية فكلوا واشكروا الله على تباين حالكم، من حال الكفرة، وقوله: (حلالا) حال، وقوله: (طيبا): أي مستلذا، إذ فيه ظهور النعمة، ويحتمل أن يكون " الطيب " بمعنى الحلال، كرر مبالغة وتأكيدا.
وقوله سبحانه: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام...) الآية: هذه الآية مخاطبة للكفار الذين حرموا البحائر والسوائب، قال ابن العربي في " أحكامه " ومعنى الآية: لا تصفوا الأعيان بأنها حلال أو حرام من قبل أنفسكم، إنما المحرم والمحلل هو الله سبحانه، قال ابن وهب: قال مالك لم يكن من فتيا الناس أن يقال لهم:
هذا حلال، وهذا حرام، ولكن يقول: أنا أكره هذا، ولم أكن لأصنع هذا، فكان الناس
(٤٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة