تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٣٨٠
وقوله: (فلا تلوموني): يريد: بزعمه، إذ لا ذنب لي، (ولوموا أنفسكم)، أي:
في سوء نظركم في اتباعي، وقلة تثبتكم، (ما أنا بمصرخكم): " المصرخ ": المغيث، والصارخ: المستغيث، وأما الصريخ، فهو مصدر بمنزلة البريح، وقوله: (إني كفرت بما أشركتمون): " ما " مصدرية، وكأنه يقول: إني الآن كافر بإشراككم إياي مع الله قبل هذا الوقت، فهذا تبر منه، وقد قال تعالى: (ويوم القيامة يكفرون بشرككم) [فاطر: 14].
وقوله عز وجل: (وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم): " الإذن "، هنا: عبارة عن القضاء والإمضاء.
وقوله سبحانه: (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة): (ألم تر): بمعنى: ألم تعلم، قال ابن عباس وغيره: الكلمة الطيبة: هي لا إله إلا الله، مثلها الله سبحانه بالشجرة الطيبة، وهي النخلة في قول أكثر المتأولين، فكان هذه الكلمة أصلها ثابت في قلوب المؤمنين، وفضلها وما يصدر عنها من الأفعال الزكية وأنواع الحسنات هو فرعها يصعد إلى السماء من قبل العبد، والحين: القطعة من الزمان غير محدودة، كقوله تعالى: (ولتعلمن نبأه بعد حين) [ص: 88]، وقد تقتضي لفظة " الحين " بقرينتها تحديدا، كهذه الآية، و " الكلمة الخبيثة ": هي كلمة الكفر، وما قاربها من كلام السوء في الظلم ونحوه، و " الشجرة الخبيثة ": قال أكثر المفسرين: هي شجرة الحنظل، ورواه أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا عندي على جهة المثل، " اجتثت ": أي: اقتلعت جثتها بنزع الأصول، وبقيت في غاية الوهن والضعف، فتقلبها أقل ريح، فالكافر يرى أن بيده شيئا، وهو لا يستقر ولا يغني عنه، كهذه الشجرة الذي يظن بها على بعد أو للجهل بها أنها شئ نافع، وهي خبيثة الجني غير باقية.
(٣٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 375 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة