تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٣٥٣
وقوله: (رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث...) الآية: ذكر كثير من المفسرين أن يوسف عليه السلام لما عدد في هذه الآية نعم الله عنده، تشوق إلى لقاء ربه ولقاء الجلة وصالحي سلفه وغيرهم من المؤمنين، ورأى أن الدنيا قليلة فتمنى الموت في قوله: (توفني مسلما وألحقني بالصالحين).
وقال ابن عباس: لم يتمن الموت نبي غير يوسف، وذكر المهدوي تأويلا آخر، وهو الأقوى عندي: أنه ليس في الآية تمني موت، وإنما تمنى عليه السلام الموافاة على الإسلام لا الموت، وكذا قال القرطبي في " التذكرة "، أن معنى الآية: إذا جاء أجلي، توفني مسلما، قال: وهذا القول هو المختار عند أهل التأويل، والله أعلم، انتهى، وقوله صلى الله عليه وسلم: " لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به "، إنما يريد ضرر الدنيا، كالفقر، والمرض ونحو ذلك، ويبقى تمني الموت، مخافة فساد الدين مباحا، وقد قال صلى الله عليه وسلم في بعض أدعيته: " وإذا أردت بالناس فتنة، فاقبضني إليك غير مفتون ".
وقوله: (أنت ولي): أي القائم بأمري، الكفيل بنصرتي ورحمتي.
وقوله عز وجل: (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك): (ذلك): إشارة إلى ما تقدم من قصة يوسف، وهذه الآية تعريض لقريش، وتنبيه على آية صدق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وفي
(٣٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة