تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٣٠١
في كلام العرب: العطية.
وقوله سبحانه: (ذلك من أنباء القرى...) الآية: (ذلك): إشارة إلى ما تقدم من ذكر العقوبات النازلة بالأمم المذكورة، (منها قائم وحصيد): أي: منها قائم الجدرات، ومتهدم دائر، والآية بحملتها متضمنة التخويف وضرب المثل للحاضرين من أهل مكة وغيرهم، وال‍ (تتبيب): الخسران، ومنه: (تبت يدا أبي لهب) [المسد: 1].
وقوله: (وكذلك): الإشارة إلى ما ذكر من الأخذات في الأمم، وهذه آية وعيد يعم قرى المؤمنين والكافرين، فإن " ظالمة ": أعم من " كافرة "، وقد يمهل الله تعالى بعض الكفرة، وأما الظلمة، فمعاجلون في الغالب، وقد يملي لبعضهم، وفي الحديث، من رواية أبي موسى، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه، لم يفلته "، ثم قرأ: (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة...) الآية، وهذه قراءة الجماعة، وهي تعطي بقاء الوعيد، واستمراره في الزمان، (إن في ذلك لآية): أي: لعبرة وعلامة اهتداء، (لمن خاف عذاب الآخرة)، ثم عظم الله أمر الآخرة، فقال: (ذلك يوم مجموع له الناس)، وهو يوم الحشر، (وذلك يوم مشهود) يشهده الأولون والآخرون، من الملائكة، والإنس، والجن والحيوان، في قول الجمهور، (وما نؤخره إلا لأجل معدود) لا يتقدم عنه ولا يتأخر.
(٣٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة