تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ١٨٤
وقوله: (حتى يتبين لك الذين صدقوا)، يريد: في استئذانك، وأنك لو لم تأذن لهم، خرجوا معك.
وقوله: (وتعلم الكاذبين)، أي: بمخالفتك، لو لم تأذن، لأنهم عزموا على العصيان، أذنت لهم أو لم تأذن، وقال الطبري: معناه: حتى تعلم الصادقين، في أن لهم عذرا، والكاذبين، في أن لا عذر لهم، والأول أصوب، والله أعلم، وأما قوله سبحانه:
في سورة النور: (فإذا استأذنوك لبعض شأنهم...) [النور: 62] الآية، ففي غزوة الخندق نزلت: (وارتابت قلوبهم)، أي: شكت و (يترددون)، أي: يتحيرون، إذ كانوا تخطر لهم صحة أمر النبي صلى الله عليه وسلم أحيانا، وأنه غير صحيح أحيانا، فهم مذبذبون.
وقوله سبحانه: (ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة)، أي: لو أرادوا الخروج بنياتهم، لنظروا في ذلك واستعدوا له.
وقوله: (ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم).
* ص *: (ولكن): أصلها أن تقع بين نقيضين أو ضدين، أو خلافين، على خلاف فيه. انتهى. و (انبعاثهم): نفوذهم لهذه الغزوة، والتثبيط: التكسيل وكسر العزم.
وقوله سبحانه: (وقيل اقعدوا)، يحتمل أن يكون حكاية عن الله، أي: قال الله في سابق قضائه: أقعدوا مع القاعدين، ويحتمل أن يكون حكاية عنهم، أي: كانت هذه مقالة بعضهم لبعض، ويحتمل أن يكون عبارة عن إذن النبي صلى الله عليه وسلم لهم في العقود، أي: لما كره الله خروجهم، يسر أن قلت لهم: اقعدوا مع القاعدين، والقعود، هنا: عبارة عن التخلف، وكراهية الله انبعاثهم: رفق بالمؤمنين.
وقوله سبحانه: (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا) الخبال: الفساد في الأشياء المؤتلفة، كالمودات، وبعض الأجرام، (لا أوضعوا) معناه: لأسرعوا السير،
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة