تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ٥٣١
الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدقون (157)) وقوله سبحانه: (ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن)، (ثم)، في هذه الآية: إنما مهلتها في ترتيب القول الذي أمر به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، كأنه قال: ثم مما قضيناه أنا آتينا موسى الكتاب، ويدعو إلى ذلك أن موسى - عليه السلام - / متقدم بالزمان على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وتلاوته ما حرم الله، و (الكتاب): التوراة، و (تماما): مصدر، وقوله:
(على الذي أحسن): مختلف في معناه، فقالت فرقة: (الذي) بمعنى الذين و (أحسن): فعل ماض صلة " الذين "، وكأن الكلام: وآتينا موسى الكتاب تفضلا على المحسنين من أهل ملته، وإتماما للنعمة عليهم، وهذا تأويل مجاهد، ويؤيده ما في مصحف ابن مسعود: " تماما على الذين أحسنوا "، وقالت فرقة: المعنى: تماما على ما أحسن هو من عبادة ربه، يعني: موسى - عليه السلام - وهذا تأويل الربيع وقتادة، وقالت فرقة: المعنى: تماما على الذي أحسن الله فيه إلى عباده من النبوات وسائر النعم، و (بلقاء ربهم)، أي: بالبعث.
وقوله سبحانه: (وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون)، (هذا) إشارة إلى القرآن، و (مبارك): وصف بما فيه من التوسعات وأنواع الخيرات، ومعناه:
منمي خيره مكثر، والبركة: الزيادة والنمو، (فاتبعوه): دعاء إلى الدين، (واتقوا): أمر بالتقوى العامة في جميع الأشياء، بقرينة قوله: (لعلكم ترحمون)، و " أن " في قوله: (أن تقولوا) في موضع نصب، والعامل فيه: (أنزلناه)، والتقدير: وهذا كتاب أنزلناه، كراهية أن تقولوا، والطائفتان: اليهود والنصارى بإجماع المتأولين، والدراسة: القراءة والتعلم بها، ومعنى الآية: إزالة الحجة من أيدي قريش وسائر العرب، ولما تقرر أن البينة قد جاءتهم، والحجة قد قامت عليهم - حسن بعد ذلك أن يقع التقرير بقوله سبحانه: (فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها)، أي: حاد عنها، وزاغ، وأعرض، و (سنجزي الذي): وعيد.
(٥٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 526 527 528 529 530 531 532 533 534 535 536 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة