تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ١١
لمكة أم القرى.
قال * ع *: وكما يقال: أم الرأس لمجتمع الشؤون، فجميع المحكم هو أم الكتاب، ومعنى الآية الإنحاء على أهل الزيغ، والمذمة لهم، والإشارة بذلك أولا إلى نصارى نجران، وإلى اليهود الذين كانوا معاصرين لمحمد صلى الله عليه وسلم، فإنهم كانوا يعترضون معاني القرآن، ثم يعم بعد ذلك كل زائغ، فذكر تعالى، أنه نزل الكتاب / على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، إفضالا منه، ونعمة، وأن محكمه وبينه الذي لا اعتراض فيه هو معظمه، والغالب فيه، وأن متشابهه الذي يحتمل التأويل، ويحتاج إلى التفهم هو أقله، ثم إن أهل الزيغ يتركون المحكم الذي فيه غنيتهم، ويتبعون المتشابه، ابتغاء الفتنة، وأن يفسدوا ذات البين، ويردوا الناس إلى زيغهم.
* م *: قال أبو البقاء: (وأخر): معطوف على (آيات)، و (متشابهات): نعت ل‍ (أخر).
وقوله تعالى: (الذين في قلوبهم زيغ): يعم كل طائفة من كافر وزنديق وجاهل صاحب بدعة، والزيغ: الميل، و (ابتغاء): نصب على المفعول من أجله، ومعناه: طلب الفتنة، قال الربيع: الفتنة هنا الشرك، وقال مجاهد: الفتنة: الشبهات، واللبس على المؤمنين، ثم قال: وابتغاء تأويله، والتأويل هو مرد الكلام، ومرجعه، والشيء الذي يقف عليه من المعاني، وهو من: آل يئول، إذا رجع، فالمعنى: وطلب تأويله على منازعهم الفاسدة، هذا في ماله تأويل حسن، وإن كان مما لا يتأول، بل يوقف فيه، كالكلام في معنى الروح ونحوه، فنفس طلب تأويله هو اتباع ما تشابه، ثم قال تعالى: (وما يعلم تأويله إلا الله)، أي: وما يعلم تأويله على الكمال إلا الله سبحانه.
واختلف في قوله: (والراسخون في العلم)، فرأت فرقة أن رفع الراسخين هو بالعطف على اسم الله (عز وجل)، وأنه مع علمهم بالمتشابه يقولون: (آمنا به)، وقالت طائفة أخرى: والراسخون: رفع بالابتداء، وهو مقطوع من الكلام الأول، وخبره " يقولون "، والمنفرد بعلم المتشابه هو الله وحده.
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة