تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ١٣
وبأجنحتها تمسحهم، ويستغفر لهم كل رطب ويابس، وحيتان البحر وهوامه، وسباع البر وأنعامه، لأن العلم حياة القلوب من الجهل، ومصابيح الأبصار من الظلم، يبلغ العبد بالعلم منازل الأخيار، والدرجات العلى في الدنيا والآخرة، الفكر فيه يعدل الصيام، ومدارسته تعدل القيام، به توصل الأرحام، وبه يعرف الحلال من الحرام، هو إمام العمل، والعمل تابعه، يلهمه السعداء، ويحرمه الأشقياء "، قال أبو عمر: هكذا حدثنيه عبيد بن محمد مرفوعا بالإسناد الذي رويناه به عنه، وهو حديث حسن جدا، ولكن ليس له إسناد قوي، ورويناه من طرق شتى موقوفا على معاذ. انتهى من كتاب " فضل العلم "، قال الشيخ العارف أبو القاسم عبد الرحمن بن يوسف اللجائي (رحمه الله)، ومن علامة نور العلم، إذا حل بالقلب: المعرفة والمراقبة والحياء والتوبة والورع والزهد والتوكل والصبر والرضى والأنس والمجاهدة والصمت والخوف والرجاء والقناعة وذكر الموت. اه‍.
وقوله تعالى: (كل من عند ربنا): فيه ضمير عائد على كتاب الله محكمه ومتشابهه، والتقدير: كله من عند ربنا.
ثم قال تعالى: (وما يذكر إلا أولوا الألباب)، أي: ما يقول هذا، ويؤمن ويقف حيث وقف، ويدع اتباع المتشابه إلا ذو لب، وهو العقل و " أولوا " جمع: " ذو ".
(ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب (8) ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد (9) إن الذين كفروا لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار (10) كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب (11)) وقوله تعالى: (ربنا لا تزغ قلوبنا...) الآية: لما ذكر الله سبحانه أهل الزيغ، وذكر نقيضهم، وظهر ما بين الحالتين، عقب ذلك، بأن علم عباده الدعاء إليه في ألا يكونوا من الطائفة الذميمة التي ذكرت، وهم أهل الزيغ، ويحتمل أن يكون هذا من تمام قول الراسخين، و (تزغ): معناه: تمل قلوبنا عن الهدى والحق، و (من لدنك): معناه: من عندك تفضلا، لا عن سبب منا، ولا عمل، وفي هذا استسلام وتطارح، والمراد: هب لنا نعيما صادرا عن الرحمة.
وقوله تعالى: (ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه): إقرار بالبعث ليوم القيامة،
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة