تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٥١
الواو مثل قتل وكذلك في أخواته فأشير إلى الضمة لتكون دالة على الواو المنقلبة والباقون يكسر أوائلهن استثقلوا الحركة على الواو فنقلوا كسرتها إلى فاء الفعل وانقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها 11 (وإذا قيل لهم) يعني للمنافقين وقيل لليهود أي قال لهم المؤمنون (لا تفسدوا في الأرض) بالكفر وتعويق الناس عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن وقيل معناه لا تكفروا والكفر أشد فسادا في الدين (قالوا إنما نحن مصلحون) يقول هذا القول كذبا كقولهم آمنا وهم كاذبون 12 (الا) كلمة تنبيه ينبه بها المخاطب (إنهم هم المفسدون) أنفسهم بالكفر والناس بالتعويق عن الإيمان (ولكن لا يشعرون) أي لا يعلمون أنهم مفسدون لأنهم يظنون أن الذي هم عليه من إبطان الكفر صلاح وقيل لا يعلمون ما أعد الله لهم من العذاب 13 (وإذا قيل لهم) أي للمنافقين وقيل لليهود (آمنوا كما آمن الناس) عبد الله بن سلام وغيره من مؤمني أهل الكتاب وقيل كما آمن المهاجرون والأنصار (قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء) أي الجهال فإن قيل كيف يصح النفاق مع المهاجرة بقولهم أنؤمن كما آمن السفهاء قيل إنهم كانوا يظهرون هذا القول فيما بينهم لا عند المؤمنين فأخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بذلك فرد الله عليهم فقال (ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون) أنهم كذلك والسفيه خفيف العقل رقيق الحلم من قولهم ثوب سفيه أي رقيق وقيل السفيه الكذاب الذي يتعمد بخلاف ما يعلم قرأ أهل الكوفة والشام (السفهاء ألا) بتحقيق الهمزتين وكذلك كل همزتين وقعتا في كلمتين اتفقتا أو اختلفتا والآخرون يحققون الأولى ويلينون الثانية في المختلفتين طلبا للخفة فإن كانتا متفقتين مثل هؤلاء وأولياء وأولئك وجاء أمر ربك قرأ أبو عمرو والبزي عن ابن كثير بهمزة واحدة وقرأ أبو جعفر وورش والقواش ويعقوب بتحقيق الأولى وتليين الثانية وقرأ قالون بتليين الأولى وتحقيق الثانية لأن ما يستأنف أولى بالهمزة مما يسكت عليه 14 (وإذا لقوا الذين آمنوا) يعني هؤلاء المنافقين إذا لقوا المهاجرين والأنصار (قالوا آمنا) كإيمانكم (وإذا خلوا) رجعوا ويجوز أن يكون من الخلوة و (إلى) بمعنى الباء أي بشياطينهم وقيل إلى بمعنى مع كما قال الله تعالى (ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم) أي مع أموالكم (شياطينهم) أي رؤسائهم وكهنتهم قال ابن عباس وهم خمسة نفر من اليهود كعب بن الأشرف بالمدينة وأبو بردة في بني أسلم وعبد الدار في جهينة وعوف بن عامر في بني أسد وعبد الله بن السوداء بالشام ولا يكون كاهن إلا ومعه شيطان تابع له والشيطان المتمرد العاتي من الجن والإنس ومن كل شيء وأصله البعد يقال بئر شطون أي بعيدة العمق سمي الشيطان شيطانا لامتداده في الشر وبعده من الخير وقال مجاهد إلى أصحابهم من المنافقين والمشركين (قالوا إنا معكم) أي على دينكم (إنما نحن مستهزؤن) بمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه بما نظهر من
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»