تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٤٧
سورة البقرة 4 (بالغيب) والغيب مصدر وضع موضع الاسم فقيل للغائب غيب كما قيل للعادل عدل وللزائر زور والغيب ما كان مغيبا من العيون قال ابن عباس الغيب ههنا كل ما أمرت بالإيمان به فيما غاب عن بصرك من الملائكة والبعث والجنة والنار والصراط والميزان وقيل الغيب ههنا هو الله تعالى وقيل القرآن وقال الحسن الآخرة وقال زر بن حبيش وابن جريج الوحي نظيره (أعنده علم الغيب) وقال ابن كيسان بالقدر وقال عبد الرحمن بن يزيد كنا عند عبد الله بن مسعود فذكرنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وما سبقوا به فقال عبد الله إن أمر محمد كان بيننا لمن رآه والذي لا إله غيره ما آمن أحد قط إيمانا أفضل من إيمان بغيب ثم قرأ (ألم ذلك الكتاب) إلى قوله (المفلحون) قرأ أبو جعفر وأبو عمرو وورش (يؤمنون) بترك الهمزة وكذلك يترك أبو جعفر كل همزة ساكنة إلا في (أنبئهم) و (ينبئهم) و (نبئنا) ويترك أبو عمرو كلها إلا أن يكون علامة للجزم نحو (نبئهم) و (أنبئهم) و (تسؤهم) و (تسؤكم) و (إن نشأ) و (ننسأها) ونحوها أو يكون خروجها من لغة إلى آخرى نحو (مؤصدة) و (رئيا) ويترك ورش كل همزة ساكنة كانت قبل فاء الفعل إلا (تؤوي) و (تؤويه) ولا يترك من عين الفعل إلا (الرؤيا) وبابه إلا ما كان على وزن فعل قوله (ويقيمون الصلاة) أي يديمونها ويحافظون عليها في مواقيتها بحدودها وأركانها وهيئاتها يقال قام بالأمر وأقام الأمر إذا أتى به معطيا حقوقه أو المراد بها الصلوات الخمس ذكر بلفظ الواحد كقوله تعالى (فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق) يعني الكتب والصلاة في اللغة الدعاء قال الله تعالى (فصل عليهم) أي ادع لهم وفي الشريعة اسم لأفعال مخصوصة من قيام وركوع وسجود وقعود ودعاء وثناء وقيل في قوله تعالى (إن الله وملائكته يصلون على النبي) الآية إن الصلاة من الله في هذه الآية الرحمة ومن الملائكة الاستغفار ومن المؤمنين الدعاء قوله (ومما رزقناهم) أي أعطيناهم والرزق اسم لكل ما ينتفع به حتى الولد والعبد وأصله في اللغة الحظ والنصيب (ينفقون) يتصدقون قال قتادة ينفقون في سبيل الله وطاعته وأصل الإنفاق الإخراج عن اليد والملك ومنه نفاق السوق لأنه يخرج فيه السلعة عن اليد ومنه نفقت الدابة إذا خرجت روحها فهذه الآية في المؤمنين من مشركي العرب 4 قوله (والذين يؤمنون بما أنزل إليك) يعني القرآن (وما أنزل من قبلك) من التوراة والإنجيل وسائر الكتب المنزلة على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ويترك أبو جعفر وابن كثير وقالون وأهل
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»