تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٥٠
سورة البقرة 10 14 خادعهم) أي يفسد عليهم نعيمهم في الدنيا بما يصيرهم إليه من عذاب الآخرة فإن قيل ما معنى قوله (يخادعون الله) والمفاعلة للمشاركة وقد جل الله تعالى عن المشاركة في المخادعة قيل قد ترد المفاعلة لا على معنى المشاركة كقولك عافاك الله وعافيت فلانا وطارقت النعل وقال الحسن معناه يخادعون رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال الله تعالى (إن الذين يؤذون الله) أي أولياء الله وقيل ذكر الله ههنا تحسين والقصد بالمخادعة الذين آمنوا كقوله تعالى (فإن لله خمسه وللرسول) وقيل معناه يفعلون في دين الله ما هو خداع في دينهم (والذين آمنوا) أي ويخادعون المؤمنين بقولهم إذا رأوهم آمنا وهم غير مؤمنين (وما يخدعون) قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو (ما يخدعون) كالحرف الأول وجعلوه من المفاعلة التي يختص بالواحد وقرأ الباقون (وما يخدعون) على الأصل (إلا أنفسهم) لأن وبال خداعهم راجع إليهم لأن الله يطلع نبيه صلى الله عليه وسلم على نفاقهم فيفتضحون في الدنيا ويستوجبون العقاب في العقبى (وما يشعرون) أي لا يعلمون أنهم يخدعون أنفسهم وأن وبال خداعهم يعود عليهم 10 (في قلوبهم مرض) شك ونفاق وأصل المرض الضعف سمي الشك في الدنيا مرضا لأنه يضعف الدين كالمرض يضعف البدن (فزادهم الله مرضا) لأن الآيات كانت تنزل تترى آية بعد آية كلما كفروا بآية ازدادوا كفرا ونفاقا وذلك معنى قوله تعالى (وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم) قرأ ابن عامر وحمزة (فزادهم) بالإمالة وزاد حمزة إمالة زاد حيث وقع وزاغ وخاب وطاب وحاق وضاق والآخرون لا يميلونها (ولهم عذاب أليم مؤلم يخلص وجعه إلى قلوبهم (بما كانوا يكذبون) ما للمصدر أي بتكذيبهم الله ورسوله في السر وقرأ الكوفيون يكذبون بالتخفيف أي بكذبهم إذا قالوا آمنا وهم غير مؤمنين وإذا قيل قرأ الكسائي قيل وغيض وجئ وجيل وسيق وسيئت بروم أوائلهن الضم ووافق أهل المدينة في سئ وسيئت ووافق ابن عامر في سيق وحيل وسيء وسيئت لأن أصلها قول بضم القاف وكسر
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»