تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٤٩
والآخرون يلينون الثانية أم حرف عطف على الاستفهام لم حرف جزم لا يلي إلا الفعل لأن الجزم يختص بالأفعال (تنذرهم لا يؤمنون) وهذه الآية في أقوام حقت عليهم كلمة الشقاوة في سابق علم الله ثم ذكر سبب تركهم الإيمان فقال 7 (ختم الله) أي طبع الله (على قلوبهم) فلا تعي خيرا ولا تفهمه وحقيقة الختم الاستيثاق من الشيء كيلا يدخله ما خرج منه ولا يخرج عنه ما فيه ومنه الختم على الباب قال أهل السنة أي حكم على قلوبهم بالكفر لما سبق من علمه الأول فيهم وقال المعتزلة جعل على قلوبهم علامة تعرفهم الملائكة بها (وعلى سمعهم) أي على موضع سمعهم فلا يسمعون الحق ولا ينتفعون به وأراد على أسماعهم كما قال على قلوبهم وإنما وحده لأنه مصدر والمصدر لا يثنى ولا يجمع (وعلى أبصارهم غشاوة) هذا ابتداء كلام غشاوة أي غطاء فلا يرون الحق وقرأ أبو عمرو الكسائي (أبصارهم) بالإمالة وكذلك كل ألف بعدها راء مجرورة في الأسماء كانت لام الفعل يميلانها ويميل حمزة منها ما فيه الراء كالقرار ونحوه زاد الكسائي إمالة جبارين والجوار مأواكم ومن أنصاري ونسارع وبابه وكذلك يميل هؤلاء كل ألف بمنزلة لام الفعل أو كانت علما للتأنيث إذا كان قبلها راء فعلم التأنيث مثل الكبرى والأخرى ولام الفعل مثل ترى وفترى يكسرون الراء منها (ولهم عذاب عظيم) أي في الآخرة وقيل القتل والأسر في الدنيا والعذاب الدائم في العقبى والعذاب كل ما يعني الإنسان ويشق عليه قال الخليل العذاب ما يمنع الإنسان عن مراده ومنه الماء العذب لأنه يمنع العطش 8 قوله (ومن الناس من يقول آمنا بالله) نزلت في المنافقين عبد الله بن أبي ابن سلول ومعتب بن قشير وجد بن قيس وأصحابهم حيث أظهروا كلمة الإسلام ليسلموا من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه واعتقدوا خلافها وأكثرهم من اليهود والناس جمع إنسان سمي به لأنه عهد إليه فنسي كما قال الله تعالى (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي) وقيل لظهوره من قولهم أي أبصرت وقيل لأنه يستأنس به (وباليوم الآخر) أي بيوم القيامة قال الله تعالى (وما هم بمؤمنين) 9 (يخادعون الله) أي يخالفون الله وأصل الخداع في اللغة الإخفاء ومنه المخدع للبيت الذي يخفى فيه المتاع فالمخادع يظهر خلاف ما يضمر والخداع من الله في قوله (وهو خادعهم) أي يظهر لهم ويعجل لهم من النعيم في الدنيا خلاف ما يغيب عنهم من عذاب الآخرة وقيل أصل الخداع الفساد معناه يفسدون ما اظهروا من الإيمان بما أضمروا من الكفر وقوله (وهو
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»