تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٣٩
وأكثر فقهاء الحجاز إلى أنها ليست من الفاتحة وليست من سائر السور فإنما كتبت للفصل وذهب جماعة إلى أنها من الفاتحة ومن كل سورة إلا سورة التوبة وهو قول الثوري وابن المبارك والشافعي في قول لأنها كتبت في المصحف بخط سائر القرآن واتفقوا على أن الفاتحة سبع آيات والآية الأولى عند من يعدها من الفاتحة بسم الله الرحمن الرحيم وابتداء الآية الأخيرة صراط الذين ومن لم يعدها من الفاتحة قال ابتداؤها الحمد لله رب العالمين وابتداء الآية الأخيرة غير المغضوب عليهم واحتج من جعلها من الفاتحة ومن السور بأنها كتبت في المصحف بخط القرآن وبما أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي أنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الخلال ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم وأنا الربيع بن سليمان أنا الشافعي أنا عبد المجيد عن ابن جريج أخبرني أبي عن سعيد بن جرير ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم هي أم القرآن قال أبي وقرأها على سعيد بن جبير حتى ختمها ثم قال بسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة قال سعيد قرأها علي وابن عباس كما قرأتها عليك ثم قال بسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة قال ابن عباس فذخرها لكم فما أخرجها لأحد قبلكم ومن لم يجعلها من الفاتحة احتج بما ثنا أبو الحسن محمد بن محمد الشيرازي أنا زاهر بن أحمد ثنا أبو إسحق الهاشمي أنا أبو مصعب عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أنه قال قمت وراء أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان كلهم كانوا لا يقرؤون بسم الله الرحمن الرحيم إذا افتتح الصلاة قال سعيد بن جبير عن ابن عباس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرف ختم السورة حتى ينزل بسم الله الرحمن الرحيم عن ابن مسعود قال كنا لا نعلم فصل ما بين السورتين حتى ينزل بسم الله الرحمن الرحيم وقال الشعبي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب في بدء الأمر على رسم قريش باسمك اللهم حتى نزل (وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها) فكتب باسم الله حتى نزلت (قل ادعو الله أو ادعوا الرحمن) فكتب بسم الله الرحمن حتى نزلت (إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم) فكتب مثلها 2 و 3 (الحمد لله) لفظ خبر كأنه يخبر عن المستحق للحمد هو الله عز وجل وفيه تعليم الخلق تقديره قولوا الحمد لله والحمد يكون بمعنى الشكر على النعمة ويكون بمعنى الثناء عليه بما فيه من الخصال الحميدة يقال حمدت فلانا على ما أسدى إلي من نعمة وحمدته على علمه وشجاعته والشكر لا يكون إلا على النعمة والحمد أعم من الشكر إذ لا يقال شكرت فلانا على علمه فكل حامد شاكر وليس كل شاكر حامدا وقيل الحمد باللسان قولا والشكر بالأركان فعلا قال الله تعالى (وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا) وقال (اعملوا آل داود شكرا) يعني اعملوا الأعمال لأجل الشكر فشكرا مفعولا له وانتصب باعملوا قوله (لله) اللام فيه للاستحقاق كما يقال الدار لزيد قوله (رب العالمين الرحمن الرحيم) فالرب يكون بمعنى المالك كما يقال لمالك الدار رب الدار ويقال رب الشيء إذا ملكه ويكون بمعنى التربية والإصلاح يقال رب فلان الضيعة يربها إذا أتمها وأصلحها فهو رب مثل طب وبر فالله
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»