تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٤١
الدال عند السين والصاد والزاي ولا إدغام لسائر القراء إلا في أحرف معدودة 5 قوله (إياك) إيا كلمة ضمير خصت بالإضافة إلى المضمر ويستعمل مقدما على الفعل فيقال إياك أعني وإياك أسأل ولا يستعمل مؤخرا إلا منفصلا فيقال ما عنيت إلا إياك قوله (نعبد) أي نوحدك ونطيعك خاضعين والعبادة الطاعة مع التذلل والخضوع وسمي العبد عبدا لذلته وانقياده يقال طريق معبد أي مذلل (وإياك نستعين) نطلب منك المعونة على عبادتك وعلى جميع أمورنا فإن قيل لم قدم ذكر العبادة على الاستعانة والاستعانة تكون قبل العبادة فلهذا يلزم من يجعل الاستطاعة قبل الفعل ونحن نحمد الله ونجعل التوفيق والاستعانة مع الفعل فلا فرق بين التقديم والتأخير ويقال الاستعانة نوع تعبد فكأنه ذكر جملة العبادة أولا ثم ذكر ما هو من تفاصيلها 6 قوله (إهدنا الصراط المستقيم) اهدنا أرشدنا وقال علي وأبي بن كعب ثبتنا كما يقال للقائم قم حتى أعود إليك أي دم على ما أنت عليه وهذا الدعاء من المؤمنين مع كونهم على الهداية بمعنى التثبيت وبمعنى طلب مزيد الهداية لأن الإلطاف والهدايات من الله تعالى لا تتناهى على مذهب أهل السنة (الصراط) وصراط قرئ بالسين رواه أويس عن يعقوب وهو الأصل سمي سراطا لأنه يسرط السابلة ويقرأ بالزاي وقرأ حمزة بإشمام الزاي وكلها لغات صحيحة والاختيار الصاد عند أكثر القراء لموافقة المصحف والصراط المستقيم قال ابن عباس وجابر هو الإسلام وهو قول مقاتل وقال ابن مسعود هو القرآن وروي عن علي مرفوعا الصراط المستقيم كتاب الله وقال سعيد بن جبير طريق الجنة وقال سهل بن عبد الله طريق السنة والجماعة وقال بكر بن عبد الله المزني طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أبو العالية والحسن رسول الله وآله وصاحباه وأصله في اللغة الطريق الواضح 7 (صراط الذين أنعمت عليهم) أي مننت عليهم بالهداية والتوفيق قال عكرمة مننت عليهم بالثبات على الإيمان والاستقامة وهم الأنبياء عليهم السلام وقيل هم كل من ثبته الله على الإيمان من النبيين والمؤمنين الذين ذكر الله تعالى في قوله (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين) الآية وقال ابن عباس هم قوم موسى وعيسى عليهما السلام قبل أن غيروا دينهم وقال عبد الرحمن هم النبي ومن معه وقال أبو العالية هم الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما وقال عبد الرحمن بن زيدان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته وقال شهر بن حوشب هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته قرأ حمزة عليهم ولديهم واليهم بضم هاآتها ويضم يعقوب كل هاء قبلها ياء ساكنة تثنية وجمعا إلا قوله (بين أيديهن وأرجلهن) وقرأ الآخرون بكسرهما فمن ضم الهاء ردها إلى الأصل لأنها مضمومة عند الانفراد ومن كسرها فلأجل الياء الساكنة والياء أخت الكسرة وضم ابن كثير وأبو جعفر كل ميم جمع
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»