تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٤٠
تعالى مالك العالمين ومربيهم ولا يقال للمخلوق هو الرب معرفا إنما يقال رب كذا مضافا لأن الألف واللام للتعميم وهو لا يملك الكل والعالمين جمع عالم والعالم جمع لا واحد له من لفظه واختلفوا في العالمين قال ابن عباس هم الجن والإنس لأنهم مكلفون بالخطاب قال الله تعالى (ليكون للعالمين نذيرا) وقال قتادة ومجاهد والحسن جميع المخلوقين قال الله تعالى (قال فرعون وما رب العالمين قال رب السماوات والأرض وما بينهما) واشتقاقه من العلم والعلامة سموا به لظهور أثر الصنعة فيهم قال أبو عبيد هم أربع أمم الملائكة والإنس والجن والشياطين مشتق من العلم ولا يقال للبهائم عالم لأنها لا تعقل واختلفوا في مبلغهم قال سعيد بن المسيب لله ألف عالم ستمائة في البحر وأربعمائة في البر وقال مقاتل بن حيان لله ثمانون ألف عالم أربعون ألفا في البحر وأربعون ألفا في البر وقال وهب لله ثمانية عشر ألف عالم الدنيا عالم منها وما العمران في الخراب إلا كفسطاط في صحراء وقال كعب الأحبار ولا يحصي عدد العالمين أحد إلا الله قال (وما يعلم جنود ربك إلا هو) 4 قوله (مالك يوم الدين) قرأ عاصم والكسائي ويعقوب (مالك) وقرأ الآخرون ملك قال قوم معناهما واحد مثل فرهين وفارهين وحذرين وحاذرين ومعناهما الرب يقال رب الدار ومالكها وقيل المالك هو القادر على اختراع الأعيان من العدم إلى الوجود ولا يقدر عليه أحد غير الله قال أبو عبيدة مالك أجمع وأوسع لأنه يقال مالك العبد والطير والدواب ولا يقال ملك هذه الأشياء ولأنه لا يكون مالك لشيء إلا وهو يملكه وقد يكون ملك الشيء ولا يملكه وقال قوم ملك أولى لأن كل ملك ملك وليس كل مالك ملكا ولأنه أوفق لسائر القرآن مثل قوله تعالى (فتعالى الله الملك الحق) و (الملك القدوس) و (ملك الناس) قال ابن عباس ومقاتل والسدي ملك يوم الدين قاضي يوم الحساب وقال قتادة الدين الجزاء ويقع على الجزاء في الخير والشر جميعا كما يقال كما تدين تدان قال محمد بن كعب القرظي ملك يوم لا ينفع فيه إلا الدين وقال يمان بن ريان الدين القهر يقال دنته فدان أي قهرته فذل وقيل الدين الطاعة أي يوم الطاعة وإنما خص يوم الدين بالذكر مع كونه مالكا للأيام كلها لأن الأملاك يومئذ زائلة فلا ملك ولا أمر إلا له قال الله تعالى (الملك يومئذ الحق للرحمن) وقال (لمن الملك اليوم لله الواحد القهار) وقال (والأمر يومئذ لله) وقرأ أبو عمرو (الرحيم ملك) بإدغام الميم في الميم وكذلك يدغم كل حرفين من جنس واحد أو مخرج واحد أو قريبي المخرج سواء كان الحرف ساكنا أو متحركا إلا أن يكون الحرف الأول مشددا أو منونا أو منقوصا أو مفتوحا أو تاء الخطاب قبله ساكن من غير المثلين فإنه لا يدغمهما وإدغام المتحرك يكون في الإدغام الكبير وافقه حمزة في إدغام المتحرك في قوله (بيت طائفة) (والصافات صفا فالزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا) و (الذاريات ذروا) وأدغم التاء فيما بعدها من الحروف وافقه حمزة برواية رجاء وخلف والكسائي إلا في الراء عند اللام والدال عند الجيم وكذلك لا يدغم حمزة
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»