تفسير البغوي - البغوي - ج ١ - الصفحة ٥٥
غنيمة وراحة في الإسلام ثبتوا وقالوا إنا معكم وإذا أظلم عليهم يعني رأوا شدة وبلاء تأخروا وقاموا أي وقفوا كما قال الله تعالى (ومن الناس من يعبد الله على حرف) (ولو شاء الله لذهب بسمعهم) أي بأسماعهم (وأبصارهم) الظاهرة كما ذهب بأسماعهم وأبصارهم الباطنة وقيل لذهب بما استفادوا من العز والأمان الذي لهم بمنزلة السمع والبصر (إن الله على كل شيء قدير) قادر قرأ ابن عامر وحمزة شاء وجاء حيث كان بالإمالة 21 قوله تعالى (يا أيها الناس) قال ابن عباس يا أيها الناس خطاب أهل مكة ويا أيها الذين آمنوا خطاب أهل المدينة وهو ههنا عام إلا من حيث إنه لا يدخله الصغار والمجانين (اعبدوا) وحدوا قال ابن عباس كل ما ورد في القرآن من العبادة فمعناها التوحيد (ربكم الذي خلقكم) والخلق اختراع الشيء على غير مثال سبق (والذين من قبلكم) أي وخلق الذين من قبلكم (لعلكم تتقون) لكي تنجوا من العذاب وقيل معناه كونوا على رجاء التقوى بأن تصيروا في ستر ووقاية من عذاب الله وحكم الله من ورائكم يفعل ما يشاء كما قال (فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى) أي ادعوه إلى الحق وكونا على رجاء التذكر وحكم الله من ورائه يفعل ما يشاء قال سيبويه لعل وعسى حرفا ترج وهما من الله واجب 22 (الذي جعل لكم الأرض فراشا) أي بساطا وقيل مناما وقيل وطاء أي ذللها ولم يجعلها حزنة لا يمكن القرار عليها والجعل ههنا بمعنى الخلق (والسماء بناء) سقفا مرفوعا (وأنزل من السماء) أي من السحاب (ماء) وهو المطر (فأخرج به من الثمرات) من ألوان الثمرات وأنواع النبات (رزقا لكم) طعاما لكم وعلفا لدوابكم (فلا تجعلوا لله أندادا) أي أمثالا تعبدونهم كعبادة الله وقال أبو عبيدة الند الضد وهو من الأضداد والله تعالى بريء من المثل والضد (وأنتم تعلمون) أنه واحد خالق هذه الأشياء 23 (وإن كنتم في ريب) أي وإن كنتم في شك لأن الله تعالى علم أنهم شاكون (مما نزلنا) يعني القرآن (على عبدنا) محمد (فأتوا) أمر تعجيز (بسورة) والسورة قطعة من القرآن معلومة الأول والآخر من أسارت أي أفضلت حذفت الهمزة وقيل السورة اسم للمنزلة الرفيعة ومنه سور البلد لارتفاعه سميت سورة لأن القارئ ينال بقراءتها منزلة رفيعة حتى يستكمل المنازل باستكماله سور القرآن (من مثله) أي مثل القرآن ومن صلة كقوله تعالى (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم) وقيل الهاء في مثله راجعة إلى محمد صلى الله عليه وسلم يعني من مثل محمد صلى الله عليه وسلم أمي لا يحسن الخط والكتابة (وادعوا شهداءكم) أي واستعينوا بآلهتكم التي تعبدونها (من دون الله) وقال مجاهد ناسا يشهدون لكم (إن كنتم صادقين) أن محمدا صلى الله عليه وسلم تقوله من تلقاء نفس فلما تحداهم عجزوا فقال
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»