مفردات غريب القرآن - الراغب الأصفهانى - الصفحة ٤٤٥
صح أن يقال (كيف نكلم من كان في المهد صبيا) فأشار بكان أن عيسى وحالته التي شاهده عليها قبيل. وليس قول من قال هذا إشارة إلى الحال بشئ لان ذلك إشارة إلى ما تقدم لكن إلى زمان يقرب من زمان قولهم هذا. وقوله: (كنتم خير أمة) فقد قيل معنى كنتم معنى الحال وليس ذلك بشئ بل إنما ذلك إشارة إلى أنكم كنتم كذلك في تقدير الله تعالى وحكمه، وقوله: (وإن كان ذو عسرة) فقد قيل معناه حصل ووقع، والكون يستعمله بعض الناس في استحالة جوهر إلى ما هو دونه وكثير من المتكلمين يستعملونه في معنى الابداع. وكينونة عند بعض النحويين فعلولة وأصله كونونة وكرهوا الضمة والواو فقلبوا، وعند سيبويه كيونونة على وزن فيعلولة، ثم أدغم فصار كينونة ثم حذف فصار كينونة كقولهم في ميت ميت وأصل ميت ميوت ولم يقولوا كينونة على الأصل كما قالوا ميت لثقل لفظها.
والمكان قيل أصله من كان يكون فلما كثر في كلامهم توهمت الميم أصلية فقيل تمكن كما قيل في المسكين تمسكن، واستكان فلان تضرع وكأنه سكن وترك الدعة لضراعته، قال:
(فما استكانوا لربهم).
كوى: كويت الدابة بالنار كيا، قال:
(فتكوى بها جباههم وجنوبهم) وكي علة لفعل الشئ وكيلا لانتفائه، نحو: (كيلا يكون دولة).
كاف: الكاف للتشبيه والتمثيل، قال تعالى:
(مثلهم كمثل صفوان عليه تراب) معناه وصفهم كوصفه وقوله: (كالذي ينفق ماله) الآية فإن ذلك ليس بتشبيه وإنما هو تمثيل كما يقول النحويون مثلا فالاسم كقولك زيد أي مثاله قولك زيد والتمثيل أكثر من التشبيه لان كل تمثيل تشبيه، وليس كل تشبيه تمثيلا.
(٤٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 ... » »»
الفهرست