مفردات غريب القرآن - الراغب الأصفهانى - الصفحة ١٠٥
كتاب الحاء حب: الحب والحبة يقال في الحنطة والشعير ونحوهما من المطعومات، والحب والحبة في بزور الرياحين، قال الله تعالى: (كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة) وقال: (ولا حبة في ظلمات الأرض) وقال تعالى: (إن الله فالق الحب والنوى) وقوله تعالى: (فأنبتنا به جنات وحب الحصيد) أي الحنطة وما يجرى مجراها مما يحصد، وفى الحديث: " كما تنبت الحبة في حميل السيل " والحب من فرط حبه، والحبب تنضد الأسنان تشبيها بالحب. والحباب من الماء النفاخات تشبيها به، وحبة القلب تشبيها بالحبة في الهيئة، وحببت فلانا يقال في الأصل بمعنى أصبت حبة قلبه نحو شغفته وكبدته وفأدته.
وأحببت فلانا جعلت قلبي معرضا لحبه لكن في التعارف وضع محبوب موضع محب:
واستعمل حببت أيضا في موضع أحببت، والمحبة إرادة ما تراه أو تظنه خيرا وهي على ثلاثة أوجه: محبة للذة كمحبة الرجل المرأة ومنه: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا) ومحبة للنفع كمحبة شئ ينتفع به، ومنه:
(وأخرى تحبونها، نصر من الله وفتح قريب) ومحبة للفضل كمحبة أهل العلم بعضهم لبعض لأجل العلم. وربما فسرت المحبة بالإرادة في نحو قوله تعالى: (فيه رجال يحبون أن يتطهروا) وليس كذلك فإن المحبة أبلغ من الإرادة كما تقدم آنفا فكل محبة إرادة، وليس كل إرادة محبة، وقوله عز وجل: (إن استحبوا الكفر على الايمان) أي إن آثروه عليه، وحقيقة الاستحباب أن يتحرى الانسان في الشئ أن يحبه واقتضى تعديته بعلي معنى الايثار، وعلى هذا قوله تعالى: (وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا) الآية، وقوله تعالى: (فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه) فمحبة الله تعالى للعبد إنعامه عليه، ومحبة العبد له طلب الزلفى لديه. وقوله تعالى:
(إني أحببت حب الخير عن ذكر ربى) فمعناه أحببت الخيل حبى للخير، وقوله تعالى: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) أي يثيبهم وينعم عليهم وقال: (لا يحب كل كفار أثيم) وقوله تعالى: (إن الله لا يحب كل مختال فخور) تنبيها أنه بارتكاب الآثام يصير بحيث لا يتوب لتماديه في ذلك وإذا لم يتب لم يحبه
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»
الفهرست