تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ١٨ - الصفحة ٢٥٣
يكن مطموعا فيه متوقعا منهم فسألوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يصالحهم على ترك القتال عشر سنين، وعلى تأمين كل من القبيلين أتباع الاخر ومن لحق به، وعلى أن يرجع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة عامه هذا ثم يقدم إلى مكة العام القابل فيخلوا له المسجد والكعبة ثلاثة أيام.
وهذا من أوضح الفتح رزقه الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وكان من أمس الأسباب بفتح مكة سنة ثمان من الهجرة فقد آمن جمع كثير من المشركين في السنتين بين الصلح وفتح مكة، وفتح في أوائل سنة سبع خيبر وما والاه وقوي به المسلمون واتسع الاسلام اتساعا بينا وكثر جمعهم وانتشر صيتهم واشغلوا بلادا كثيرة، وخرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم لفتح مكة في عشرة آلاف أو في اثني عشر ألفا، وقد كان خرج إلى حديبية في ألف وأربعمائة على ما تفصله الآثار.
وقيل: المراد بالفتح فتح مكة فالمراد بقوله: (إنا فتحنا لك) إنا قضينا لك فتح مكة، وفيه أن القرائن لا تساعده.
وقيل: المراد به فتح خيبر، ومعناه - على تقدير نزول السورة عند مرجع النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الحديبية إلى المدينة - إنا قضينا لك فتح خيبر، وحال هذا القول أيضا كسابقه.
وقيل: المراد به الفتح المعنوي وهو الظفر على الأعداء بالحجج البينة والمعجزات الباهرة التي غلب بها كلمة الحق على الباطل وظهر الاسلام على الدين كله، وهذا الوجه وإن كان في نفسه لا بأس به لكن سياق الآيات لا يلائمه.
قوله تعالى: (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما وينصرك الله نصرا عزيزا) اللام في قوله: (ليغفر) للتعليل على ما هو ظاهر اللفظ فظاهره أن الغرض من هذا الفتح المبين هو مغفرة ما تقدم من ذنبك وما تأخر، ومن المعلوم أن لا رابطة بين الفتح وبين مغفرة الذنب ولا معنى معقولا لتعليله بالمغفرة.
وقول بعضهم فرارا عن الاشكال: إن اللام المكسورة في (ليغفر) لام القسم والأصل ليغفرن حذفت نون التوكيد وبقي ما قبلها مفتوحا للدلالة على المحذوف غلط لا شاهد عليه من الاستعمال.
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»
الفهرست